لطائف الإشارات، ج ٢، ص : ٢٤١
تذكّر ما سلف من النّعم يوجب تجديد ما سبق من المحبة، وفى الخبر :
«جبلت القلوب على حبّ من أحسن إليها» فالحقّ أمر موسى عليه السلام.
بتذكير قومه ما سبق إليهم من فنون إنعامه، ولطائف إكرامه.. وفى بعض الكتب المنزلة على الأنبياء - عليهم السلام :«عبدى، أنا لك محبّ فبحقى عليك كن لى محبا» قوله جل ذكره :
[سورة إبراهيم (١٤) : آية ٧]
وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَ لَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذابِي لَشَدِيدٌ (٧)
إن شكرتم لأزيدنكم من إنعامى وإكرامى، وإن كفرتم بإحسانى لأعذبنكم اليوم بامتحانى، وغدا بفراقى وهجرانى.
لئن عرفتم وصالى لأزيدنكم من وجود نوالى إلى شهود جمالى وجلالى «١».
ويقال لئن شكرتم وجوه توفيق العبادة لأزيدنكم بتحقيق الإرادة.
ويقال لئن شكرتم شهود المكافي لأزيدنكم بشهود أوصافى.
ويقال لئن شكرتم صنوف إنعامى لأزيدنكم بشهود إكرامى ثم إلى شهود إقدامى.
ويقال لئن شكرتم مختص نعمائى لأزيدنكم منتظر آلائي.
ويقال لئن شكرتم مخصوص نعمى لأزيدنكم مأمول كرمى.
و يقال لئن شكرتم ما خوّلناكم من عطائى لأزيدنكم ما وعدناكم من لقائى.
ويقال لئن شكرتم ما لوّحت فى سرائركم زدناكم ما ألبسنا من العصمة لظواهركم.
ويقال لئن كفرتم نعمتى بأن توهمتم استحقاقها «٢» لجرّعناكم ما تستمرّون مذاقها.
قوله جل ذكره :
[سورة إبراهيم (١٤) : آية ٨]
وَقالَ مُوسى إِنْ تَكْفُرُوا أَنْتُمْ وَ مَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً فَإِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ (٨)

_
(١) أي إن الوجود والشهود - عند هذا الصوفي - يرتبطان بالأوصاف لا بالذات، فقد جلت الصمدية عن أن يستشرف العبد من الذات.
(٢) أي ينبغى أن تنظروا لأعمالكم بعين الاستصغار وأن ما تنالون من نعمة فضل من اللّه وليس نظير أعمالكم.


الصفحة التالية
Icon