لطائف الإشارات، ج ٢، ص : ٢٤٢
إن اجتمعتم أنتم ومن عاضدكم، وكل من غاب عنكم وحضركم، والذين يقتفون أثركم - على أن تكفروا باللّه جميعا، وأخذتم كل يوم شركاء قطيعا - ما أوجهتم لعزّنا شينا، كما لو شكرتم ما جعلتم بملكنا زينا. والحقّ بنعوته ووصف جبروته علىّ، وعن العالم بأسره غنىّ.
قوله جل ذكره :
[سورة إبراهيم (١٤) : آية ٩]
أَ لَمْ يَأْتِكُمْ نَبَؤُا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَ عادٍ وَ ثَمُودَ وَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ لا يَعْلَمُهُمْ إِلاَّ اللَّهُ جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْواهِهِمْ وَ قالُوا إِنَّا كَفَرْنا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ وَ إِنَّا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَنا إِلَيْهِ مُرِيبٍ (٩)
استفهام فى معنى التقرير. أخبره أنه لما جاءتهم الرسل قابلوهم بالكنود، وعاملوهم بالجحود وردوا أيديهم فى أفواههم، وحذوا سبيل أمثالهم فى الكفر، وبنوا على الشك والريبة قواعدهم، وأسسوا على الشّرك والغىّ مذاهبهم.
قوله جل ذكره :
[سورة إبراهيم (١٤) : آية ١٠]
قالَتْ رُسُلُهُمْ أَ فِي اللَّهِ شَكٌّ فاطِرِ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَ يُؤَخِّرَكُمْ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى قالُوا إِنْ أَنْتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِثْلُنا تُرِيدُونَ أَنْ تَصُدُّونا عَمَّا كانَ يَعْبُدُ آباؤُنا فَأْتُونا بِسُلْطانٍ مُبِينٍ (١٠)
استفهام والمراد منه توبيخ ونفى. سبحانه لا يتحرك نفس إلا بتصريفه.
وكيف يبصر جلال قدره إلا من كحلّه بنور برّه؟
ثم قال :«يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ» : ليس العجب ممن تكلف لسيده المشاق وتحمل ما لا يطاق، وألّا يهرب من خدمة أو يجنح إلى راحة.. إنما العجب من سيد عزيز كريم يدعو عبده ليغفر له وقد أخطأ، ويعامله بالإحسان وقد جفا.