لطائف الإشارات، ج ٢، ص : ٢٤٣
و الذي لا يكفّ عن العناد، ولا يؤثر رضاء سيده على راحة نفسه فلا يحمل هذا إلا على قسمة بالشقاء سابقة.. وإن أحكام اللّه بردّه صادقة. ثم أخبر أنهم قالوا لرسلهم :
قالُوا إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنا تُرِيدُونَ أَنْ تَصُدُّونا عَمَّا كانَ يَعْبُدُ آباؤُنا فَأْتُونا بِسُلْطانٍ مُبِينٍ نظروا إلى الرسل من ظواهرهم ولم يعرفوا سرائرهم، ومالوا إلى تقليد أسلافهم، وأصروا على ما اعتادوه من شقاقهم وخلافهم.
قوله جل ذكره :
[سورة إبراهيم (١٤) : آية ١١]
قالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِنْ نَحْنُ إِلاَّ بَشَرٌ مِثْلُكُمْ وَ لكِنَّ اللَّهَ يَمُنُّ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَ ما كانَ لَنا أَنْ نَأْتِيَكُمْ بِسُلْطانٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ وَ عَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (١١)
قالت لهم الرسل ما نحن إلا أمثالكم، والفرق بيننا أنه - سبحانه - منّ علينا بتعريفه، واستخلصنا بما أفردنا به من تشريفه. والذي اقترحتم علينا من ظهور الآيات فليس لنا إلى الإتيان به سبيل إلّا أن يظهره اللّه علينا إذا شاء بما شاء - وهو عليه قدير.
قوله جل ذكره :
[سورة إبراهيم (١٤) : آية ١٢]
وَما لَنا أَلاَّ نَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ وَ قَدْ هَدانا سُبُلَنا وَ لَنَصْبِرَنَّ عَلى ما آذَيْتُمُونا وَ عَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ (١٢)
«ما لَنا أَلَّا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ» : وقد رقّانا من حدّ التكليف بالبرهان إلى وجود روح البيان بكثرة ما أفاض علينا من جميل الإحسان، فكفانا من مهان الشان. «وَما لَنا أَلَّا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ» : وقد حقّق لنا ما سبق به الضمان من وجود الإحسان، وكفاية ما أظلّنا من الامتنان. «ما لَنا أَلَّا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ» ولم نخرج إلى التقاضي على اللّه فيما وعدنا اللّه.


الصفحة التالية
Icon