لطائف الإشارات، ج ٢، ص : ٢٨٠
و مرة بالمدينة، ولأنها شىء فى كل صلاة يتكرر، من «التثنية» وهى التكرير، أو لأن بعضها يضاف إلى الحق وبعضها يضاف إلى الخلق... ومعنى هذا مذكور فى كتب التفاسير «١».
قوله جل ذكره :
[سورة الحجر (١٥) : آية ٨٨]
لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ وَ لا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَ اخْفِضْ جَناحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ (٨٨)
لم يسلّم له إشباع النظر إلى زهرة الدنيا وزينتها.
ويقال غار على عينيه - صلى اللّه عليه وسلم - أن يستعملها فى النظر إلى المخلوقات.
ويقال أدّبه اللّه - سبحانه - بهذا التأديب حتى لا يعير طرفه من حيث الاستئناس به.
ويقال أمره بحفظ الوفاء لأنه لمّا لم يكن اليوم سبيل لأحد إلى رؤيته «٢»، فلا تمدن عينيك إلى ملاحظة شىء من جملة ما خوّلناهم، كما قال بعضهم :
لمّا تيقّنت أنى لست أبصركم أغمضت عينى فلم أنظر إلى أحد
و يقال شتّان بينه وبين موسى - عليه السلام! قال له : لَنْ تَرانِي وَ لكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ»، ونبينا - صلى اللّه عليه وسلم - منعه من النظر إلى المخلوقات بوصف هو تمام النظر فقال :«وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ».
و يقال إذا لم يلم له إشباع النظر بظاهره إلى الدنيا فكيف يسلم له السكون بقلبه إلى غير اللّه؟! ويقال لما أمر بغضّ بصره عما يتمتّع به الكفار فى الدنيا تأدّب - عليه السلام - فلم ينظر ليلة المعراج إلى شىء مما رأى فى الآخرة، فأثنى عليه الحقّ بقوله :«ما زاغَ الْبَصَرُ. وَ ما طَغى » وكان يقول لكل شىء رآه :«التحيات للّه» أي الملك للّه.
(١) ويرى بعضهم أنها نسبع سور وهى الطوال، واختلف في السابعة فقيل الأنفال وبراءة لأنهما فى حكم سورة بدليل عدم التسمية بينهما، وقيل سورة يونس. أو أسباع القرآن.
(٢) الضمير فى (رؤيته) يعود إلى الحق سبحانه، والمقصود حفظ العين - من قبيل الوفاء - لكى لا تعاين سواه سبحانه فيما بعد.