لطائف الإشارات، ج ٢، ص : ٢٨٦
و يسّر له النطق والفعل، والتدبير فى الأمور، والاستيلاء على الحيوانات على وجه التسخير.
قوله جل ذكره :
[سورة النحل (١٦) : آية ٥]
وَالْأَنْعامَ خَلَقَها لَكُمْ فِيها دِفْءٌ وَ مَنافِعُ وَ مِنْها تَأْكُلُونَ (٥)
ذكّرهم بما تفضّل عليهم، وأخبرهم بما للحيوانات من النّعم، وما لهم فيها من وجوه الانتفاع فى جميع الأحوال، كالحمل وكالسفر عليها وقطع المسافات، والتوصّل على ظهورها إلى مآربهم، وما لنسلها ولدرّها من المنافع.
قوله جل ذكره :
[سورة النحل (١٦) : الآيات ٦ الى ٧]
وَلَكُمْ فِيها جَمالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَ حِينَ تَسْرَحُونَ (٦) وَ تَحْمِلُ أَثْقالَكُمْ إِلى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بالِغِيهِ إِلاَّ بِشِقِّ الْأَنْفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ (٧)
الغنيّ له جمال بماله، والفقير له استقلال بحاله.. وشتّان ماهما! فالأغنياء يتجملون بأنعامهم حين يريحون وحين يسرحون، والفقراء يستقلون بمولاهم حين يصبحون وحين يمسون. أولئك تحمل أثقالهم جمالهم، وهؤلاء يحمل الحقّ عن قلوبهم أثقالهم.
«لَمْ تَكُونُوا بالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ» : قوم أحوالهم مقاساة الشدائد يصلون سيرهم بسراهم، وقوم فى حمل مولاهم بعيدون عن كدّ التدبير، مستريحون بشهود التقدير، راضون باختيار الحقّ فى العسير واليسير «١».
قوله جل ذكره :
[سورة النحل (١٦) : آية ٨]
وَالْخَيْلَ وَ الْبِغالَ وَ الْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوها وَ زِينَةً وَ يَخْلُقُ ما لا تَعْلَمُونَ (٨)
فالنفوس فى حملها كالدواب، والقلوب معتقة عن التعنّى فى الأسباب. «وَيَخْلُقُ ما لا تَعْلَمُونَ» : كما أن أهل الجنة من المؤمنين يجدون فى الآخرة ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر فكذلك أرباب الحقائق يجدون - اليوم - ما لم يخطر قطّ على بال، ولا قرأوا فى كتاب، ولا تلقنوه من أستاذ، ولا إحاطة بما أخبر الحق أنه
(١) يطلق القشيري على الأول اصطلاح (متحمل) وعلى الثاني (محمول). [.....]