لطائف الإشارات، ج ٢، ص : ٣٧٦
إذا حمل «الْحَمْدُ» هنا على معنى الشكر فإنزال الكتاب من أجلّ نعمه، وكتاب الحبيب لدى الحبيب. أجلّ موقع وأشرف محلّ، وهو من كمال إنعامه عليه، وإن سمّاه - عليه السلام - عبده فهو من جلائل نعمه عليه لأنّ من سمّاه عبده جعله من جملة خواصّه.
وإذا حمل «الْحَمْدُ» فى هذه الآية على معنى المدح كان الأمر فيه بمعنى الثناء عليه - سبحانه، بأنّه الملك الذي له الأمر والنهى والحكم بما يريد، وأنه أعدّ الأحكام التي فى هذا الكتاب للعبيد، وسمّاه صلى اللّه عليه وسلم عبده لمّا كان فانيا عن حظوظه، خالصا للّه بقيامه بحقوقه.
قوله جل ذكره :
[سورة الكهف (١٨) : آية ٢]
قَيِّماً لِيُنْذِرَ بَأْساً شَدِيداً مِنْ لَدُنْهُ وَ يُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً حَسَناً (٢)
«قَيِّماً» : أي صانه عن التعارض والتناقض، فهو كتاب عزيز من ربّ عزيز.
«و البأس الشديد» : معجّله الفراق، ومؤجّله الاحتراق.
ويقال هو البقاء عن اللّه تعالى، والابتلاء بغضب اللّه.
ومعنى الآية لينذرهم ببأس شديد.
قوله جل ذكره : وَ يُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً حَسَناً.
و العمل الصالح ما يصلح للقبول، وهو ما يؤدّى على الوجه الذي أمر به. ويقال العمل الصالح ما كان بنعت الخلوص، وصاحبه صادق فيه.
ويقال هو الذي لا يستعجل عليه صاحبه حظّا فى الدنيا من أخذ عوض، أو قبول جاه، أو انعقاد رياسة.. وما فى هذا المعنى.
وحصلت البشارة بأنّ لهم أجرا حسنا، والأجر الحسن ما لا يجرى مع صاحبه استقصاء فى العمل.
ويقال الأجر الحسن ما يزيد على مقدار العمل.
ويقال الأجر الحسن ما لا يذكّر صاحبه تقصيره، ويستر عنه عيوب عمله.


الصفحة التالية
Icon