لطائف الإشارات، ج ٢، ص : ٣٨٠
قوله جل ذكره :
[سورة الكهف (١٨) : آية ١٢]
ثُمَّ بَعَثْناهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصى لِما لَبِثُوا أَمَداً (١٢)
أي رددناهم إلى حال صحوهم وأوصاف تمييزهم، وأقمناهم بشواهد التفرقة بعد ما محوناهم عن شواهدهم بما أقمناهم بوصف الجمع.
قوله جل ذكره :
[سورة الكهف (١٨) : الآيات ١٣ الى ١٤]
نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَ زِدْناهُمْ هُدىً (١٣) وَ رَبَطْنا عَلى قُلُوبِهِمْ إِذْ قامُوا فَقالُوا رَبُّنا رَبُّ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَا مِنْ دُونِهِ إِلهاً لَقَدْ قُلْنا إِذاً شَطَطاً (١٤)
لمّا كانوا مأخوذين عنهم تولّى الحق - سبحانه - أن قصّ عنهم، وفرق بين من كان عن نفسه وأوصافه قاصّا لبقائه فى شاهده وكونه غير منتف بجملته.. وبين من كان موصوفا بواسطة غيره لفنائه عنه وامتحائه منه وقيام غيره عنه.
ويقال لا تسمع قصة الأحباب أعلى وأجلّ مما تسمع من الأحباب، قال عزّ من قائل :
«نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ»، وأنشدوا :
و حدّثتني يا سعد عنها فزدتنى حنينا فزدنى من حديثك يا سعد
قوله :«إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ» : يقال إنهم فتية لأنهم آمنوا - على الوهلة - بربّهم، آمنوا من غير مهلة، لمّا أتتهم دواعى الوصلة «١».
ويقال فتية لأنهم قاموا للّه، وما استقروا حتى وصلوا إلى اللّه.
قوله جل ذكره : وَ زِدْناهُمْ هُدىً وَ رَبَطْنا عَلى قُلُوبِهِمْ لاطفهم بإحضارهم، ثم كاشفهم فى أسرارهم، بما زاد من أنوارهم، فلقّاهم أولا التبيين، ثم رقاهم عن ذلك باليقين.

_
(١) لاحظ أهمية ذلك فى فهم معنى (الفتوة) عند الصوفية.


الصفحة التالية
Icon