لطائف الإشارات، ج ٢، ص : ٣٨٥
«بِالْوَصِيدِ»... فهل إذا رفعها مسلم إليه خمسين سنة ترى يردّها خائبة؟ هذا لا يكون.
ويقال لما صحبهم الكلب لم تضره نجاسة صفته، ولا خساسة قيمته.
ويقال قال فى صفة أصحاب الكهف إن كانوا «سَيَقُولُونَ : ثَلاثَةٌ رابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ»، أو خمسة سادسهم كلبهم فقد قال فى صفة هذه الأمة :«ما يَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رابِعُهُمْ وَ لا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سادِسُهُمْ»..
وشتّان ما هما! ويقال كل يعامل بما يليق به من حالته ورتبته فالأولياء قال فى صفتهم :«وَنُقَلِّبُهُمْ ذاتَ الْيَمِينِ وَ ذاتَ الشِّمالِ»، والكلب قال فى صفته :«وَكَلْبُهُمْ باسِطٌ ذِراعَيْهِ بِالْوَصِيدِ».
ويقال كما كرّر ذكرهم، كرر ذكر كلبهم.
وجاء فى القصة أن الكلب لما لم ينصرف عنهم قالوا : سبيلنا إذا لم يتصرف عنّا أن نحمله حتى لا يستدّل علينا بأثر قدمه فحملوه، فكانوا فى الابتداء (بل إياه) «١» وصاروا فى الانتهاء مطاياه.. كذا من اقتفى أثر الأحباب.
ويقال في القصة إن اللّه أنطق الكلب معهم، وبنطقه ربط على قلوبهم بأن ازدادوا يقينا بسماع نطقه، فقال : لم تضربونى؟ فقالوا : لتنصرف، فقال : أنتم تخافون بلاء يصيبكم فى المستقبل وأنتم بلائي فى الحال :
ثم إنّ بلاءكم الذي تخافون أن يصيبكم من الأعداء، وبلائي منكم وأنتم الأولياء.
و يقال لما لزم الكلب محلّه ولم يجاوز حدّه فوضع يديه على الوصيد بقي مع الأولياء...
كذا أدب الخدمة يوجب بقاء الوصلة.
قوله جل ذكره : لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِراراً وَ لَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْباً
(١) وردت هكذا ونرجح أنها (بلاياه) بدليل ما سيأتى بعد ذلك :
(و أنتم بلائي فى الحال). [.....]