لطائف الإشارات، ج ٢، ص : ٣٨٦
الخطاب له - صلى اللّه عليه وسلم. والمراد منه غيره.
ويقال لو اطلعت عليهم من حيث أنت لولّيت منهم فرارا، ولو شاهدتهم من حيث شهود تولّى الحق لهم لبقيت على حالك.
ويقال لو اطلعت عليهم وشاهدتهم لولّيت منهم فرارا من أن تردّ عن عالى منزلتك إلى منزلتهم والغنىّ إذا ردّ إلى منزلة الفقير فرّ منه، ولم تطب به نفسه. «وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْباً» بأن يسلب عظيم ما هو حالك، وتقام فى مثل حالهم النازلة عن حالك.
ويقال :«لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِراراً» لأنك لا تريد أن تشهد غيرنا.
قوله جل ذكره :
[سورة الكهف (١٨) : آية ١٩]
وَكَذلِكَ بَعَثْناهُمْ لِيَتَسائَلُوا بَيْنَهُمْ قالَ قائِلٌ مِنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ قالُوا لَبِثْنا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قالُوا رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِما لَبِثْتُمْ فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنْظُرْ أَيُّها أَزْكى طَعاماً فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ وَ لْيَتَلَطَّفْ وَ لا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَداً (١٩)
استقلوا مدة لبثهم وقد لبثوا (طويلا)، ولكنهم كانوا مأخوذين عنهم، ولم يكن لهم علم بتفصيل أحوالهم، قال قائلهم :
لست أدرى أطال ليلى أم لا؟ كيف يدرى بذاك من يتقلّى؟
لو تفرّغت لاستطالة ليلى ورعيت النجوم كنت مخلّا
و يقال أيام الوصال عندهم قليلة - وإن كانت طويلة، ولو كان الحال بالضدّ لكان الأمر بالعكس، وأنشدوا :
صباحك سكر والمساء خمار «١» نعمت وأيام السرور قصار
قوله جل ذكره : قالُوا رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِما لَبِثْتُمْ لأنه هو الذي خصّكم بما به أقامكم.
(١) الخمار ما خالط الإنسان من سكر الخمر.