لطائف الإشارات، ج ٢، ص : ٤٤٧
نفى كل موهوم من الحدثان بأن يكون شىء منه صالحا للإبداع، وأثبت كلّ ما فى الوجود له باستحقاق القدم.
«لَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى » أي صفاته، على انقسامها إلى صفة ذات وصفة معنى «١» ويقال «لَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى » : تعريف للخلق بأنّ استحقاق العلو والتقدّس عن النقائص له على وصف التفرّد به.
قوله جل ذكره
[سورة طه (٢٠) : الآيات ٩ الى ١٠]
وَهَلْ أَتاكَ حَدِيثُ مُوسى (٩) إِذْ رَأى ناراً فَقالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ ناراً لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْها بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدىً (١٠)
سؤال فى صيغة الاستفهام والمراد منه التقرير «٢» والإثبات. وأجرى - تعالى - سنّته فى كتابه أن يذكر قصة موسى عليه السلام فى أكثر المواقع التي يذكر فيها حديث نبينا صلى اللّه عليه وسلم، فيعقبه بذكر موسى عليه السلام.
إِذْ رَأى ناراً فَقالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ ناراً لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْها بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدىً ألاح له النار حتى أخرجه من أهله يطلبها، وكان المقصود إخراجه من بينهم، فكان موسى عليه السلام يدنو والنار تنأى، وقال لأهله :
«امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ ناراً» فقال أهله : كيف تتركنا والوادي مسبع؟
فقال : لأجلكم أفارقكم فلعلّى آتيكم من هذه النار بقبس.
ويقال استولى على موسى عند رؤيته النار الانزعاج، فلم يتمالك حتى خرج. ففى القصة أنه لما أتاها وجد شجرة تشتعل من أولها إلى آخرها، فجمع موسى - عليه السلام - حشائش ليأخذ من تلك النار، فعرف أن هذه النار لا تسمح نفسها بأن تعطى إلى أحد شعلة :
١) الأرجح - حسب الذي ذكره القشيري فى كتابه التحيير فى التذكير - أنها (وصفه فعل).
(٢) وردت (التقدير) والصواب أن تكون (التقرير) فهذا هو المصطلح البلاغى الذي يطلق على مثل هذا الاستفهام.