لطائف الإشارات، ج ٢، ص : ٤٩٧
الحادثات له سبحانه ملكا والكائنات له حكما، وتعالى اللّه عن أن يتجمل بوفاق أو ينقص بخلاف، وبالقدر ظهور الجميع، وعلى حسب الاختيار «١» تنصرف الكلمة.
قوله جل ذكره :
[سورة الأنبياء (٢١) : آية ٢٠]
يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَ النَّهارَ لا يَفْتُرُونَ (٢٠)
المطيع المختار يسبّحه بالقول الصدق، والكلّ من المخلوقات تسبيحها بدلالة الخلقة، وبرهان البيّنة «٢».
قوله جل ذكره :
[سورة الأنبياء (٢١) : آية ٢١]
أَمِ اتَّخَذُوا آلِهَةً مِنَ الْأَرْضِ هُمْ يُنْشِرُونَ (٢١)
تفرّد الحقّ بالإبداع والإيجاد، وتقدّس عن الأمثال «الأنداد، فالذين يعبدون من دونه أَمْواتٌ غَيْرُ أَحْياءٍ. وهم «٣» بالضرورة يعرفون.. أ فلا يعتبرون وألا يزدجرون؟
قوله جل ذكره :
سورة الأنبياء (٢١) : آية ٢٢]
لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلاَّ اللَّهُ لَفَسَدَتا فَسُبْحانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ (٢٢)
أخبر أنّ كلّ أمر يناط بجماعة لا يجرى على النظام إذ ينشأ بينهم النزاع والخلاف.
ولمّا كانت أمور العالم فى الترتيب منسّقة فقد دلّ ذلك على أنها حاصلة بتقدير مدبّر حكيم فالسماء فى علوّها تدور على النظام أفلاكها، وليس لها عمد لإمساكها، والأرض مستقرة بأقطارها على ترتيب تعاقيب ليلها ونهارها. والشمس والقمر والنجوم السائرة تدور فى بروج، ورقعة السماء تتسع من غير فروج.. ذلك لتقدير العزيز العليم علامة، وعلى وحدانيته دلالة.
قوله جل ذكره :
[سورة الأنبياء (٢١) : آية ٢٣]
لا يُسْئَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَ هُمْ يُسْئَلُونَ (٢٣)
لكون الخلق له، وهم يسألون للزوم حقه عليهم.
قوله جل ذكره :
[سورة الأنبياء (٢١) : آية ٢٤]
أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً قُلْ هاتُوا بُرْهانَكُمْ هذا ذِكْرُ مَنْ مَعِيَ وَ ذِكْرُ مَنْ قَبْلِي بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ الْحَقَّ فَهُمْ مُعْرِضُونَ (٢٤)
(١) الاختيار هنا مقصود به الاختيار الإلهى.
(٢) عبر القشيري عن هذا المعنى فى موضع سابق حين ذكر ان كل الكائنات شاهدة على وحدانيته للناطق منها توحيد القالة، ولغير الناطق توحيد الدلالة.
(٣) الضمير (هم) يعود على من يعبدون من دون اللّه آلهة.