لطائف الإشارات، ج ٢، ص : ٤٩٨
دلت الآية على فساد القول بالتقليد، ووجوب إقامة الحجة والدليل.
ودلّت الآية على توحيد المعبود، ودلّت الآية على إثبات الكسب للعبيد إذ لولاه لم يتوجه عليهم اللوم والعتب «١». وكلّ من علّق قلبه بمخلوق، أو توهّم من غير اللّه حصول شىء فقد دخل فى غمار هؤلاء لأنّ الإله من يصحّ منه الإيجاد.
قوله :«هذا ذِكْرُ مَنْ مَعِيَ وَ ذِكْرُ مَنْ قَبْلِي» : الإشارة منه أن الدّين توحيد الحق، وإفراد الربّ على وصف التفرد ونعت الوحدانية.
ثم قال :«بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ الْحَقَّ فَهُمْ مُعْرِضُونَ» إنما عدموا العلم لإعراضهم عن النظر، ولو وضعوا النظر موضعه لوجب لهم العلم لا محالة، والأمر يدل على وجوب النظر، وأنّ العلوم الدينية كلّها كسبية «٢».
قوله جل ذكره :
[سورة الأنبياء (٢١) : آية ٢٥]
وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدُونِ (٢٥)
التوحيد فى كل شريعة واحد، والتعبد - على من أرسل إليه الرسول - واجب، ولكنّ الأفعال للنسخ والتبديل معرّضة، أما التوحيد وطريق الوصول إليه فلا يجوز فى ذلك النسخ والتبديل.
قوله جل ذكره :
[سورة الأنبياء (٢١) : آية ٢٦]
وَقالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمنُ وَلَداً سُبْحانَهُ بَلْ عِبادٌ مُكْرَمُونَ (٢٦)
فى الآية رخصة فى ذكر أقاويل أهل الضلال والبدع على وجه الردّ عليهم، وكشف
(١) هذا راى على جانب خطير من الأهمية فى علم الكلام، وصدوره عن باحث صوفى يعرف أن المريد - على الحقيقة - من لا إرادة له يزيد فى أهمية الأمر.
(٢) فى هذا رد على من يتهمون الصوفية بإنكارهم للعلم.