لطائف الإشارات، ج ٢، ص : ٥٣٠
التبس عليهم جواز (بعثه الخلق) «١» واستبعدوه غاية الاستبعاد، فلم ينكر الحق عليهم إلا بإعراضهم عن تأمل البرهان، واحتجّ عليهم فى ذلك بما قطع حجتهم، فمن تبع هداه رشد، ومن أصرّ على غيّه تردّى فى مهواة هلاكه.
و احتجّ عليهم فى جواز البعث بما أقروا به فى الابتداء أن اللّه خلقهم وأنه ينقلهم من حال إلى حال أخرى فبدأهم من نطفة إلى علقة ومنها ومنها... إلى أن نقلهم من حال شبابهم إلى زمان شيبهم، ومن ذلك الزمان إلى حين وفاتهم.
واحتجّ أيضا عليهم بما أشهدهم كيف أنه يحيى الأرض - فى حال الربيع - بعد موتها، فتعود إلى ما كانت عليه فى الربيع من الخضرة والحياة. والذي يقدر على هذه الأشياء يقدر على خلق الحياة فى الرّمة البالية والعظام النخرة.
قوله :«وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلى أَرْذَلِ الْعُمُرِ» : زمان الفترة بعد المجاهدة، وحال الحجبة عقب المشاهدة.
ويقال أرذل العمر السعى للحظوظ بعد القيام بالحقوق.
ويقال أرذل العمر الزلة فى زمان المشيب.
ويقال أرذل العمر الإقامة فى منازل العصيان.
ويقال أرذل العمر التعريج فى (أوطان) «٢» المذلة.
ويقال أرذل العمر العشرة مع الأضداد.
ويقال أرذل العمر (عيش) «٣» المرء بحيث لا يعرف قدره.
ويقال أرذل العمر بأن يوكل إلى نفسه.
ويقال أرذل العمر التطوح فى أودية الحسبان أن شيئا بغير اللّه.
ويقال أرذل العمر الإخلاد إلى تدبير النّفس، والعمى عن شهود تقدير الحق.
(١) هكذا فى م أما فى ص فهى (بعثهم الحق) ونرجح الأولى إذ الذي استبعدوه أن يبعث اللّه واحدا من الخلق.
(٢) هكذا فى م وهى غير موجودة فى ص.
(٣) فى م (عيش) المرء وفى ص (حبس) المرء. وقد رجحنا (عيش) على معنى أن اللّه يمنحه من العمر ما لا يكون خلاله تقدير من الخلق له.