لطائف الإشارات، ج ٢، ص : ٥٤٦
«فَإِذا وَجَبَتْ جُنُوبُها» : أي سقطت على وجه الأرض فى حال النّحر فأطعموا القانع الذي ألقى جلباب الحياء وأظهر فقره للناس، والمعترّ الذي هو فى تحمّله متحمّل، ولمواضع فاقته كاتم.
قوله جل ذكره :
[سورة الحج (٢٢) : آية ٣٧]
لَنْ يَنالَ اللَّهَ لُحُومُها وَ لا دِماؤُها وَ لكِنْ يَنالُهُ التَّقْوى مِنْكُمْ كَذلِكَ سَخَّرَها لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلى ما هَداكُمْ وَ بَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ (٣٧)
لا عبرة بأعيان الأفعال سواء كانت بدنية محضة، أو مالية صرفة، أو بما له تعلّق بالوجهين، ولكن العبرة باقترانها بالإخلاص «١»، فإذا انضاف إلى أكساب الجوارح إخلاص القصود، وتجرّدت عن ملاحظة أصحابها للأغيار صلحت للقبول «٢».
ويقال التقوى شهود الحقّ بنعت التفرّد فلا يشاب تقرّبك بملاحظة أحد، ولا تأخذ عوضا على عمل من بشر.
«لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلى ما هَداكُمْ» : أي هداكم وأرشدكم إلى القيام بحقّ العبودية على قضية الشرع.
«وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ» : والإحسان كما فى الخبر :«أن تعبد اللّه كأنك تراه..».
وأمارة صحته سقوط التعب بالقلب عن صاحبه، فلا يستثقل شيئا، ولا يتبرم بشى ء.
قوله جل ذكره :
[سورة الحج (٢٢) : آية ٣٨]
إِنَّ اللَّهَ يُدافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ (٣٨)
.

_
(١) يقال إن سبب نزول هذه الآية أن أهل الجاهلية كانوا إذا تحروا الإبل نضحوا الدماء - حبل البيت ولطخوه بالدم، فلما حج المسلمون أرادوا مثل ذلك فنزلت الآية.
(٢) يرى القشيري ان هذا جوهر العبادات جميعا، أن تكون خالصة للّه، وقد فصلنا ذلك عند بحثنا عن القشيري المفسر.
انظر كتابنا (الإمام القشيري ومذهبه فى التصوف) ط مؤسسة الحلبي.


الصفحة التالية
Icon