لطائف الإشارات، ج ٢، ص : ٥٤٧
يدفع عن صدورهم نزغات الشيطان، وعن قلوبهم خطرات العصيان، وعن أرواحهم طوارق النسيتان.
والخيانة على أقسام : خيانة فى الأموال تفصيلها فى المسائل الشرعية، وخيانة فى الأعمال، وخيانة فى الأحوال فخيانة الأعمال بالرياء والتصنع، وخيانة الأحوال بالملاحظة والإعجاب والمساكنة، وشرّها الإعجاب، ثم المساكنة وأخفاها الملاحظة «١».
ويقال خيانة الزاهدين عزوفهم عن الدنيا (على) «٢» طلب الأعواض ليجدوا فى الآخرة حسن المآل.. وهذا إخلاص الصالحين. ولكنه عند خواص الزهاد خيانة لأنهم تركوا دنياهم لا للّه ولكن لوجود العوض على تركهم ذلك من قبل اللّه.
وخيانة العابدين أن يدعوا شهواتهم ثم يرجعون إلى الرّخص، فلو صدقوا فى مرماهم لما انحطّوا إلى الرخص بعد ترقيهم عنها.
وخيانة العارفين جنوحهم إلى وجود مقام، وتطلعهم لمنال منزلة وإكرام من الحق ونوع تقريب.
و خيانة المحبين روم فرحة «٣» مما يمسهم من برحاء المواجيد، وابتغاء خرجة مما يشتدّ عليهم «٤» من استيلاء صدّ، أو غلبات شوق، أو تمادى أيام هجر.
وخيانة أرباب التوحيد أن يتحرك لهم للاختيار عرق، ورجوعهم - بعد امتحائهم عنهم - إلى شظية من أحكام الفرق، اللهم إلا أن يكون ذلك منهم موجودا، وهم عنه مفقودون «٥».
(١) نلفت النظر إلى أهمية ذلك عند دراسة المصطلح الصوفي، خاصة وأن القشيري لم يتكلم عن ذلك فى رسالته.
(٢) (على) طلب الأعواض معناها لأجل طلب الأعواض.
(٣) (روم) فى ص و(روح) فى م، ونظن أنها (فرجة) بالجيم كما سبق منذ قليل حين استعمل القشيري (فرجة، وخرجة) فى سياق مماثل.
(٤) هكذا فى م وهى فى ص مما (يشق عليهم) وكلاهما مقبول فى السياق. [.....]
(٥) معنى هذا أن القشيري يسلم بأنه قد يحدث من العبد الواله ما ينبغى أن يعذر فيه، إن صحّ صدقه فى التوجه، واشتد وقع المحو عليه.