لطائف الإشارات، ج ٢، ص : ٥٩٥
ثم بالغ فى عدد الشهود، وألّا تقبل تلك الشهادة إلّا بالتضرع التام، ثم أكمله بقوله «وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهادَةً أَبَداً». وفى الخبر المسند قوله عليه السلام :«من أتى منكم بشىء من هذه القاذورات فليستتر بستر اللّه، فإنّ من أبدى لنا صفحته، أقمنا عليه حدّ اللّه» «١» قوله جل ذكره :
[سورة النور (٢٤) : آية ٥]
إِلاَّ الَّذِينَ تابُوا مِنْ بَعْدِ ذلِكَ وَ أَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٥)
جعل من شرط قبول شهادته صحّة توبته، وجعل علامة صحة توبته إصلاحه، فقال :
«وَأَصْلَحُوا»، وهو أن تأتى على توبته مدة تنشر فيها بالصلاح صفته، كما اشتهرت بهتك أعراض المسلمين قالته.. كلّ هذا تشديدا لمن يحفظ على المسلمين ظاهر صلاحه.
قوله جل ذكره :
[سورة النور (٢٤) : آية ٦]
وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْواجَهُمْ وَ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَداءُ إِلاَّ أَنْفُسُهُمْ فَشَهادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهاداتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ (٦)
لمّا ضاق الأمر على من رأى أهله على فاحشة، إذ أن فى ذلك قبول نسب غير صحيح - فقد نهى الشرع عن استلحاقه ولدا من غيره. وكان أمرا محظورا هتك عرض المرأة والشهادة عليها بالفحشاء، إذ يجوز أن يكون الأمر فى المعيب أي بخلاف ما يدّعيه الزوج.
ولأن ذلك أمر ذو خطر شرع اللّه حكم اللّعان «٢» ليكون للخصومة قاطعا، وللمقدم على

_
(١) رواه البيهقي والحاكم عن ابن عمر بإسناد جيد بلفظ :«اجتنبوا هذه القاذورات التى نهى اللّه تعالى عنها، فمن ألم بشىء منها فليستتر بستر اللّه، وليتب إلى اللّه، فإنه من يبد لنا صفحته نقم عليه كتاب اللّه» (ص ١٥٥ ج ١ فيض القدير شرح الجامع الصغير للمناوى الطبعة الأولى سنة ١٣٥٦ ه).
٢) اللعان فى الشريعة أن يقسم الزوج أربع مرات على صدقه فى قذف زوجته بالزنا، والخامسة باستحقاقه لعنة اللّه إن كان كاذبا وبذا يبرأ من حدّ القذف. ثم تقسم الزوجة أربع مرات على كذبه، والخامسة باستحقاقها غضب اللّه إن كان صادقا فتبرأ من حد الزنا. وقد نزلت آية اللعان في هلال بن أمية أو عويمر حيث قال وجدت على بطن امرأتى خولة شريك بن سحماء فكذبته، فلا عن النبي (ص) بينهما.
فإذا قذف الزوج زوجته بالزنا - وهما من أهل الشهادة - صح اللعان بينهما، واختلف الفقهاء هل تقع الفرقة بينهما بالتلاعن أم بتفريق القاضي.


الصفحة التالية
Icon