لطائف الإشارات، ج ٢، ص : ٥٩٦
الفاحشة زاجرا، ففى مثل هذه الأحوال عنها خرجة «١». ولو لا أنّ اللّه على كل شىء قدير وإلا ففى عادة الناس. من الذي يهتدى لمثل هذا الحكم لو لا تعريف سماوى وأمر نبوى، من الوحى متلقّاه «٢»، ومن اللّه مبتداه وإليه منتهاه؟
قوله جل ذكره :
[سورة النور (٢٤) : آية ١٠]
وَلَوْ لا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَ رَحْمَتُهُ وَ أَنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ حَكِيمٌ (١٠)
... لبقيتم فى هذه الواقعة المعضلة، ولم تهتدوا للخروج من هذه الحالة المشكلة.
قوله جل ذكره :
[سورة النور (٢٤) : آية ١١]
إِنَّ الَّذِينَ جاؤُ بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَ الَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذابٌ عَظِيمٌ (١١)
هذا قصة عائشة رضى اللّه عنها، وما كان من حديث الإفك.
بيّن اللّه - سبحانه - أنه لا يخلى أحدا من المحنة والبلاء، فى المحبة والولاء فالامتحان من أقوى أركانه وأعظم برهانه وأصدق بيانه، كذلك قال صلى اللّه عليه وسلم «يمتحن الرجل على قدر دينه»، وقال :«أشدّ الناس بلاء الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل» «٣».
و يقال إنّ اللّه - سبحانه - غيور على قلوب خواصّ عباده، فإذا حصلت مساكنة بعض إلى بعض يجرى اللّه ما يردّ كلّ واحد منهم عن صاحبه، ويردّه إلى نفسه، وأنشدوا :
إذا علقت روحى بشى ء، تعلّقت به غير الأيام كى تسلبنّيا
و إن النبي - صلى اللّه عليه وسلم - لمّا قيل له : أي الناس أحب إليك؟

_
(١) الخرجة هى الخروج والخلاص من أمر شديد.
(٢) هكذا فى ص وهى فى م (مستفاد) وكلاهما صحيح، ولكن الأولى أقوى مراعاة للموسيقى اللفظية، وربما كانت (مستقاه).


الصفحة التالية
الموسوعة القرآنية Quranpedia.net - © 2024
Icon
(٣) رواه الترمذي وقال حسن صحيح وقد سبق تخريج هذا الحديث.