لطائف الإشارات، ج ٢، ص : ٦٣٦
«على أقدامهم يمشيهم غدا على وجوههم» «١»، وهو على ذلك قادر، وذلك منه غير مستحيل.
قوله جل ذكره :
[سورة الفرقان (٢٥) : آية ٣٥]
وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ وَ جَعَلْنا مَعَهُ أَخاهُ هارُونَ وَزِيراً (٣٥)
قلّما يجرى فى القرآن لنبينا - صلى اللّه عليه وسلم - ذكر إلا ويذكر اللّه عقيبه موسى عليه السلام. وتكررت قصته فى القرآن فى غير موضع تنبيها على علو شأنه، لأنه كما أن التخصيص بالذكر يدل على شرف المذكور فالتكرير فى الذكر يوجب التفصيل فى الوصف لأن القصة الواحدة إذا أعيدت مرات كثيرة كانت فى باب البلاغة أتمّ لا سيما إذا كانت فى كل مرة فائدة زائدة «٢».
ثم بيّن أنه قال لهما :
[سورة الفرقان (٢٥) : آية ٣٦]
فَقُلْنَا اذْهَبا إِلَى الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا فَدَمَّرْناهُمْ تَدْمِيراً (٣٦)
أي فذهبا فجحد القوم فدمرناهم تدميرا «٣» أي أهلكناهم إهلاكا، وفى ذلك تسلية للنبى - صلى اللّه عليه وسلم - فيما كان يقاسيه من قومه من فنون البلاء، ووعد له بالجميل فى أنه سيهلك أعداءه كلّهم.
قوله جل ذكره :
[سورة الفرقان (٢٥) : الآيات ٣٧ الى ٤٠]
وَقَوْمَ نُوحٍ لَمَّا كَذَّبُوا الرُّسُلَ أَغْرَقْناهُمْ وَ جَعَلْناهُمْ لِلنَّاسِ آيَةً وَ أَعْتَدْنا لِلظَّالِمِينَ عَذاباً أَلِيماً (٣٧) وَ عاداً وَ ثَمُودَ وَ أَصْحابَ الرَّسِّ وَ قُرُوناً بَيْنَ ذلِكَ كَثِيراً (٣٨) وَ كُلاًّ ضَرَبْنا لَهُ الْأَمْثالَ وَ كُلاًّ تَبَّرْنا تَتْبِيراً (٣٩) وَ لَقَدْ أَتَوْا عَلَى الْقَرْيَةِ الَّتِي أُمْطِرَتْ مَطَرَ السَّوْءِ أَ فَلَمْ يَكُونُوا يَرَوْنَها بَلْ كانُوا لا يَرْجُونَ نُشُوراً (٤٠)
أحللنا بهم العقوبة كما أحللنا بأمثالهم، وعاملناهم بمثل معاملتنا لقرنائهم. ثم عقّب هذه الآيات بذكر عاد وثمود وأصحاب الرّسّ، ومن ذكرهم على الجملة من غير تفصيل، وما أهلك
(١) القسم الأول من الخبر على النحو التالي :«يحشر الناس يوم القيامة على ثلاثة أصناف : صنف على الدواب وصنف على أرجلهم وصنف على وجوههم» قيل يا رسول اللّه : كيف يمشون على وجوههم فقال عليه السلام : الذين أمشاهم...
٢) يضاف هذا إلى ما سبق أن نبهنا إليه عن موقف القشيري من التكرار.
(٣) يلقت القشيري نظرنا إلى ما يعرف فى البلاغة بإيجاز الحذف، فقد اكتفى بذكر أول القصة وآخرها وقد أحسن القشيري حين وطأ لذلك بكلام فى القصة الواحدة التي تعاد أكثر من مرة.