لطائف الإشارات، ج ٢، ص : ٦٥٠
قوله جل ذكره :
[سورة الفرقان (٢٥) : آية ٦٧]
وَالَّذِينَ إِذا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَ لَمْ يَقْتُرُوا وَ كانَ بَيْنَ ذلِكَ قَواماً (٦٧)
الإسراف أن تنفق فى الهوى وفى نصيب النّفس، فأمّا ما كان للّه فليس فيه إسراف، والإقتار ما كان ادخارا عن اللّه. فأمّا التضييق على النّفس منعا لها عن اتباع الشهوات ولتتعود الاجتزاء باليسير فليس بالإقتار المذموم.
قوله جل ذكره :
[سورة الفرقان (٢٥) : آية ٦٨]
وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ وَ لا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَ لا يَزْنُونَ وَ مَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ يَلْقَ أَثاماً (٦٨)
«١» «إِلهاً آخَرَ» : فى الظاهر عبادة الأصنام المعمولة من الأحجار، المنحوتة من الأشجار.
وكما تتصف بهذا النفوس والأبشار فكذلك توهّم المبارّ والمضارّ من الأغيار شرك.
«وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ...» من النفوس المحرّم قتلها على العبد نفسه المسكينة، قال تعالى :«وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ» «٢». وقتل النّفس من غير حقّ تمكينك لها من اتباع ما فيه هلاكها فى الآخرة فإنّ العبد إذا لم ينه مأمور.

_
١) (عن ابن عباس أن ناسا من أهل الشرك قتلوا فأكثروا وزنوا فأكثروا، ثم أتوا محمدا عليه الصلاة والسلام فقالوا : إن الذي تقول وتدعو إليه لحسن لو نخبرنا أن لما عملنا كفارة فنزلت الآية :«وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ... إلى قوله تعالى : غَفُوراً رَحِيماً» رواه مسلم عن ابراهيم بن دينار عن حجاج. و(عن عبد اللّه بن مسعود قال : سألت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : أي الذنب أعظم؟
قال : أن تجعل للّه ندا وهو خلقك، قال : قلت ثم أي؟ قال : أن تقتل ولدك مخافة أن يطعم معك.
قال قلت ثم أي؟
قال : أن تزانى حليلة جارك. فأنزل اللّه هذه الآية وما بعدها تصديقا لذلك) رواه البخاري، ومسلم عن عثمان بن أبى شيبة، عن جرير.
و(عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس قال : أتى وحشي إلى النبي (ص) فقال : يا محمد أتيتك مستجيرا فأجرنى حتى أسمع كلام اللّه، فقال الرسول : قد كنت أحب أن أراك على غير جوار، فأما إذ أتيتنى مستجيرا فأنت فى جوارى حتى تسمع كلام اللّه. قال : فإنى أشركت باللّه وقتلت النفس التي حرم اللّه وزنيت، فهل يقبل اللّه منى توبة؟ فصمت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم حتى نزلت الآية.. وأسلم وحشي). [.....]
(٢) آية ٢٩ سورة النساء.


الصفحة التالية
Icon