لطائف الإشارات، ج ٢، ص : ٨
من وفّى الحقّ فى عقده فزده على حفظ عهده إذ لا يستوى من وفّاه ومن جفاه.
قوله جل ذكره :
[سورة التوبة (٩) : آية ٥]
فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَ خُذُوهُمْ وَ احْصُرُوهُمْ وَ اقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تابُوا وَ أَقامُوا الصَّلاةَ وَ آتَوُا الزَّكاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٥)
يريد إذا انسلخ الحرم فاقتلوا من لا عهد له من المشركين، فإنّهم - وإن لم يكن لهم عهد وكانوا حرما - جعل لهم الأمان فى مدة هذه المهلة، (....) «١» فكرتم أن يأمر بترك قتال من أبى كيف يرضى بقطع وصال من أتى؟!.
قوله جل ذكره : فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَ خُذُوهُمْ وَ احْصُرُوهُمْ وَ اقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ.
أمرهم بمعالجة جميع أنواع القتال مع الأعداء.
وأعدى عدوّك نفسك التي بين جنبيك فسبيل العهد فى مباشرة الجهاد الأكبر مع النّفس بالتضييق عليها بالمبالغة فى جميع أنواع الرياضات، واستفراغ الوسع «٢» فى القيام بصدق المعاملات. ومن تلك الجملة ألا ينزل بساحات الرّخص والتأويلات، ويأخذ بالأشقّ فى جميع الحالات قوله جل ذكره : فَإِنْ تابُوا وَ أَقامُوا الصَّلاةَ وَ آتَوُا الزَّكاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ.
حقيقة التوبة الرجوع بالكلية من غير أن تترك بقية. فإذا أسلم الكافر بعد شركه، ولم يقصّر فى واجب عليه من قسمى فعله وتركه، حصل الإذن فى تخلية سبيله وفكّه :
إن وجدنا لما ادّعيت شهودا لم نجد عندنا لحقّ حدودا
و كذلك النّفس إذا انخنست، وآثار البشرية إذا اندرست، فلا حرج - فى التحقيق - فى المعاملات فى أوان مراعاة الخطرات مع اللّه عند حصول المكاشفات. والجلوس مع اللّه
(١) مشتبهة
(٢) وردت (الواسع) والصواب أن تكون الوسع.