لطائف الإشارات، ج ٢، ص : ٨١
قوله جل ذكره :
[سورة يونس (١٠) : الآيات ٧ الى ٨]
إِنَّ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنا وَ رَضُوا بِالْحَياةِ الدُّنْيا وَ اطْمَأَنُّوا بِها وَ الَّذِينَ هُمْ عَنْ آياتِنا غافِلُونَ (٧) أُولئِكَ مَأْواهُمُ النَّارُ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ (٨)
أنكروا جواز الرؤية فلم يرجوها، والمؤمنون آمنوا «١» بجواز الرؤية فأمّلوها.
ويقال : لا يرجون لقاءه لأنهم لم يشتاقوا إليه، ولم يشتاقوا إليه لأنهم لم يحبّوه لأنهم لم يعرفوه، ولم يعرفوه لأنهم لم يطلبوه ولن يطلبوه لأنه أراد ألّا يطلبوه، قال تعالى :«وَأَنَّ إِلى رَبِّكَ الْمُنْتَهى » «٢».
ويقال لو أراد أن يطلبوه لطلبوه، ولو طلبوا لعرفوا، ولو عرفوا لأحبّوا، ولو أحبّوا لاشتاقوا، ولو اشتاقوا لرجوا، ولو رجوا لأمّلوا لقاءه، قال تعالى :«وَلَوْ شِئْنا لَآتَيْنا كُلَّ نَفْسٍ هُداها» «٣» قوله تعالى :«وَرَضُوا بِالْحَياةِ الدُّنْيا وَ اطْمَأَنُّوا بِها» : أصحاب الدنيا رضوا بالحياة الدنيا فحرموا الجنة، والزّهّاد والعّباد ركنوا إلى الجنة ورضوا بها فبقوا عن الوصلة، وقد علم كلّ أناس مشربهم، ولكلّ أحد مقام.
ويقال إذا كانوا لا يرجون لقاءه فمأواهم العذاب والفرقة، فدليل الخطاب أن الذي يرجو لقاءه رآه، ومآله ومنتهاه الوصلة واللقاء والزّلفة.
قوله جل ذكره :
[سورة يونس (١٠) : آية ٩]
إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمانِهِمْ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (٩)
كما هداهم اليوم إلى معرفته من غير ذريعة يهديهم غدا إلى جنته ومثوبته من غير نصير من المخلوقين ولا وسيلة.
(١) من هذا لفهم أن القشيري يؤمن بجواز رؤية اللّه فى الآخرة، أما رؤيته فى الدنيا فإنه يقول فى الرسالة ص ١٧٥ :(الأقوى أنه لا تجوز رؤية اللّه بالأبصار في الدنيا - وقد حصل الإجماع فى ذلك). [.....]
٢) آية ٤٢ سورة النجم.
(٣) آية ١٣ سورة السجدة.