لطائف الإشارات، ج ٢، ص : ٨٢
و يقال أمّا المطيعون فنورهم يسعى بين أيديهم وهم على مراكب طاعاتهم، والملائكة تتلقّاهم والحقّ، قال تعالى :«يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمنِ وَفْداً» «١» نحشرهم، والعاصون يبقون منفردين متفرقين، لا يقف لهم العابدون، ويتطوحون فى مطاحات «٢» القيامة.
والحقّ - سبحانه - يقول لهم : عبادى، إنّ أصحاب الجنة - اليوم - فى شغل عنكم، إنهم فى الثواب لا يتفرّغون إليكم، وأصحاب النار من شدة العذاب لا يرقبون لكم معاشر المساكين.
كيف أنتم إن كان أشكالكم وأصحابكم سبقوكم؟ وواحد منهم لأيهديكم فأنا أهديكم.
لأنى إن عاملتكم بما تستوجبون | فأين الكرم بحقنا إذا كنا فى الجفاء مثلهم وهجرناكم كما هجروكم؟ |
[سورة يونس (١٠) : آية ١٠]
دَعْواهُمْ فِيها سُبْحانَكَ اللَّهُمَّ وَ تَحِيَّتُهُمْ فِيها سَلامٌ وَ آخِرُ دَعْواهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ (١٠)
قالتهم الثناء على اللّه، وذلك فى حال لقائهم. وَ تَحِيَّتُهُمْ فى تلك الحالة من اللّه :
«سَلامٌ» عليكم «وَآخِرُ دَعْواهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ» : والحمد هاهنا بمعنى المدح والثناء، فيثنون عليه ويحمدونه بحمد أبدىّ سرمدىّ، والحقّ - سبحانه - يحييّهم بسلام أزلىّ وكلام أبدى، وهو عزيز صمدى ومجيد أحدى.
قوله جل ذكره :
[سورة يونس (١٠) : آية ١١]
وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجالَهُمْ بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ فَنَذَرُ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنا فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ (١١)
أي لو أجبناهم إذا دعوا على أنفسهم عند غيظهم وضجرهم لعجّلنا إهلاكهم، ولكن
_
(١) آية ٨٥ سورة مريم.
(٢) المطاح والمطاحة : اسما مكان من طاح، وهو المسلك الوعر المهلك.
(١) آية ٨٥ سورة مريم.
(٢) المطاح والمطاحة : اسما مكان من طاح، وهو المسلك الوعر المهلك.