لطائف الإشارات، ج ٣، ص : ١١٩
قوله جل ذكره :
[سورة الروم (٣٠) : آية ٣٧]
أَ وَ لَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَ يَقْدِرُ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (٣٧)
الإشارة فيها إلى أن العبد لا يعلّق قلبه إلا باللّه لأنّ ما يسوءهم ليس زواله إلا باللّه، وما يسرّهم ليس وجوده إلا من اللّه، فالبسط الذي يسرّهم ويؤنسهم منه وجوده، والقبض الذي يسوءهم ويوحشهم منه حصوله، فالواجب لزوم عقوة «١» الأسرار، وقطع الأفكار عن الأغيار.
قوله جل ذكره :
[سورة الروم (٣٠) : آية ٣٨]
فَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ وَ الْمِسْكِينَ وَ ابْنَ السَّبِيلِ ذلِكَ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ وَ أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (٣٨)
القرابة على قسمين : قرابة النسب وقرابة الدّين، وقرابة الدين أمسّ، وبالمواساة أحقّ وإذا كان الرجل مشتغلا بالعبادة، غير متفرّغ لطلب المعيشة فالذين لهم إيمان بحاله، وإشراف على وقته يجب عليهم القيام بشأنه بقدر ما يمكنهم، مما يكون له عون على الطاعة وفراغ القلب من كل علة فاشتغال الرجل بمراعاة القلب يجعل حقّه آكد، وتفقّده أوجب.
«ذلِكَ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ» : المريد هو الذي يؤثر حقّ اللّه على حظّ نفسه فإيثار المريد وجه اللّه أتمّ من مراعاته حال نفسه، فهمّته في الإحسان إلى ذوى القربى والمساكين تتقدم على نظره لنفسه وعياله وما يهمه من خاصته.
قوله جل ذكره :
[سورة الروم (٣٠) : آية ٣٩]
وَما آتَيْتُمْ مِنْ رِباً لِيَرْبُوَا فِي أَمْوالِ النَّاسِ فَلا يَرْبُوا عِنْدَ اللَّهِ وَ ما آتَيْتُمْ مِنْ زَكاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ (٣٩)
إيتاء الزكاة بأن تريد بها وجه اللّه، وألا تستخدم الفقير لما تبرّه به من رافقة «٢»،

_
(١) العقوة الموضع المتسع أمام الدار.
٢) الرافقة الرفق واللطف، تقول : أولاه رافقة (الوسيط).


الصفحة التالية
Icon