لطائف الإشارات، ج ٣، ص : ١٢٣
قوله جل ذكره :
[سورة الروم (٣٠) : آية ٤٧]
وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ رُسُلاً إِلى قَوْمِهِمْ فَجاؤُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَانْتَقَمْنا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا وَ كانَ حَقًّا عَلَيْنا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ (٤٧)
أرسلنا من قبلك رسلا إلى عبادنا، فمن قابلهم بالتصديق وصل إلى خلاصة التحقيق، ومن عارضهم بالجحود أذقناهم عذاب الخلود، فانتقمنا من الذين أجرموا، وأخذناهم من حيث لم يحتسبوا، وشوّشنا عليهم ما أمّلوا، ونقضنا عليهم ما استطابوا وتنعّموا، وأخذنا بخناقهم فحاق بهم ما مكروا.
َ كانَ حَقًّا عَلَيْنا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ»
بتوطئتهم بأعقاب أعدائهم، ولم يلبثوا إلا يسيرا حتى رقيناهم فوق رقابهم، وخرّبنا أوطان أعدائهم، وهدّمنا بنيانهم، وأخمدنا نيرانهم، وعطّلنا عنهم ديارهم، ومحونا بقهر التدمير آثارهم، فظلّت شموسهم كاسفة، ومكيدة قهرنا لهم بأجمعهم خاسفة.
قوله جل ذكره :
[سورة الروم (٣٠) : آية ٤٨]
اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ فَتُثِيرُ سَحاباً فَيَبْسُطُهُ فِي السَّماءِ كَيْفَ يَشاءُ وَ يَجْعَلُهُ كِسَفاً فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ فَإِذا أَصابَ بِهِ مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ إِذا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ (٤٨)
يرسل رياح عطفه وجوده مبشرات بوصله وجوده، ثم يمطر جود غيبه على على أسرارهم بلطفه، ويطوى بساط الحشمة عن ساحات قربه، ويضرب قباب الهيبة بمشاهد كشفه، وينشر عليهم أزهار أنسه، ثم يتجلّى لهم بحقائق قدسه، ويسقيهم بيده شراب حبّه، وبعد ما محاهم عن أوصافهم أصحاهم - لا بهم - ولكن بنفسه، فالعبارات عن ذلك خرس، والإشارات دونها طمس