لطائف الإشارات، ج ٣، ص : ١٤٢
قوله جل ذكره :
[سورة السجده (٣٢) : آية ١٤]
فَذُوقُوا بِما نَسِيتُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا إِنَّا نَسِيناكُمْ وَ ذُوقُوا عَذابَ الْخُلْدِ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (١٤)
قاس من الهوان ما استوجبته بعصيانك، واخلد في دار الخزي لما أسلفته من كفرانك.
قوله جل ذكره :
[سورة السجده (٣٢) : آية ١٥]
إِنَّما يُؤْمِنُ بِآياتِنَا الَّذِينَ إِذا ذُكِّرُوا بِها خَرُّوا سُجَّداً وَ سَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَ هُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ (١٥)
التصديق والتكذيب ضدان - والضدان لا يجتمعان التكذيب هو جحود واستكبار، والتصديق هو سجود وتحقيق، فمن اتّصف بأحد القسمين امّحى عنه الثاني.
«خَرُّوا سُجَّداً» : سجدوا بظواهرهم في المحراب، وفي سرائرهم على تراب الخضوع وبساط الخشوع بنعت الذبول وحكم الخمود.
ويقال : كيف يستكبر من لا يجد كمال راحته ولا حقيقة أنسه إلا في تذللّه بين يدى معبوده، ولا يؤثر آجل جحيمه على نعيمه، ولا شقاءه على شفائه؟! قوله جل ذكره :
[سورة السجده (٣٢) : آية ١٦]
تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَ طَمَعاً وَ مِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ (١٦)
فى الظاهر : عن الفراش قياما بحقّ العبادة والجهد والتهجد، وفي الباطن : تتباعد قلوبهم عن مضاجعات الأحوال، ورؤية قدّر النفس، وتوّهم المقام - فإن ذلك بجملته حجاب عن الحقيقة، وهو للعبد سمّ قاتل - فلا يساكنون أعمالهم ولا يلاحظون أحوالهم. ويفارقون مالفهم، ويهجرون في اللّه معارفهم.
والليل زمان الأحباب، قال تعالى :«لِتَسْكُنُوا فِيهِ» : يعنى عن كلّ شغل وحديث سوى حديث محبوبكم. والنهار زمان أهل الدنيا، قال تعالى :«وَجَعَلْنَا النَّهارَ مَعاشاً»، أولئك قال لهم :«فَإِذا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ» :