لطائف الإشارات، ج ٣، ص : ١٤٣
إذا ناجيتمونا في ركعتين في الجمعة فعودوا إلى متجركم، واشتغلوا بحرفتكم.
وأما الأحباب فالليل لهم إمّا في طرب التلاقي وإما في حرب الفراق، فإن كانوا في أنس القربة فليلهم أقصر من لحظة، كما قالوا :
زارنى من هويت بعد بعاد بوصال مجدّد ووداد
ليلة كاد يلتقى طرفاها قصرا وهى ليلة الميعاد
و كما قالوا :
و ليلة زين ليالى الدهر قابلت فيها بدرها ببدر
لم تستبن عن شقق وفجر حتى تولّت وهي بكر الدهر
و أمّا إن كان الوقت وقت مقاساة فرقة وانفراد بكربة فليلهم طويل، كما قالوا :
كم ليلة فيك لا صباح لها أفنيتها قابضا على كبدى
قد غصّت العين بالدموع وقد وضعت خدى على بنان يدى
قوله :«يدعون ربهم خوفا وطمعا» : قوم خوفا من العذاب وطمعا في الثواب، وآخرون خوفا من الفراق وطمعا في التلاقي، وآخرون خوفا من المكر وطمعا في الوصل.
«وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ» : يأتون بالشاهد الذي خصصناهم به فإن طهّرنا أحوالهم عن الكدورات حضروا بأحوال مقدّسة، وإن دنّسّنا أوقاتهم بالآفات شهدوا بحالات مدنّسة، «وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ» فالعبد إنما يتجر في البضاعة التي يودعها لديه سيّده :
يفديك بالروح صبّ لو يكون له أعزّ من روحه شىء فداك به
قوله جل ذكره :
[سورة السجده (٣٢) : آية ١٧]
فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ (١٧)


الصفحة التالية
Icon