لطائف الإشارات، ج ٣، ص : ١٤٦
ثم لم يرتدع عن فعله، واغترّ بطول سلامته، وأمن من هواجم مكره، وخفايا سرّه..
أخذه بغتة بحيث لا يجد خرجة من أخذته، قال تعالى :«لا تَجْأَرُوا الْيَوْمَ إِنَّكُمْ مِنَّا لا تُنْصَرُونَ» «١» قوله جل ذكره :
[سورة السجده (٣٢) : آية ٢٣]
وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ فَلا تَكُنْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقائِهِ وَ جَعَلْناهُ هُدىً لِبَنِي إِسْرائِيلَ (٢٣)
فلا تكن في مرية من لقائه غدا لنا ورؤيته لنا «٢».
«وَجَعَلْناهُ هُدىً لِبَنِي إِسْرائِيلَ» :
و هذا محمد صلى اللّه عليه وسلم جعل رحمة للعالمين.
قوله جل ذكره :
[سورة السجده (٣٢) : آية ٢٤]
وَجَعَلْنا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا لَمَّا صَبَرُوا وَ كانُوا بِآياتِنا يُوقِنُونَ (٢٤)
لمّا صبروا على طلبنا سعدوا بوجودنا، وتعدّى مانالوا من أفضالنا إلى متبعيهم، وانبسط شعاع شموسهم على جميع أهلهم فهم للخلق هداة، وفي الدين عيون، وللمسترشدين نجوم.
قوله جل ذكره :
[سورة السجده (٣٢) : آية ٢٥]
إِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (٢٥)
يحكم بينهم، وعند ذلك يتبين المردود من المقبول، والمهجور من الموصول، والرضى من
(١) آية ٦٥ سورة المؤمنون.
٢) صرف القشيري الرؤية واللقاء إلى موسى عليه السلام، وأنه سيلقى ربه ويراه. بينما يرى قتادة أن المقصود :
فلا تكن في شك من لقاء موسى في القيامة وستلقاه - أي محمد - فيها، كما لقيته ليلة الإسراء. وعن الحسن : فلا تكن - يا محمد - فى شك من أنك ستلقى ما لقيه من التكذيب والأذى، فالهاء عائدة على محذوف.
وقيل إن الكلام متصل بقوله تعالى :
قل يتوفاكم ملك الموت» | فلا تكن في مرية من لقائه، وجاءت «و لقد آتينا موسى» اعتراضا. |