لطائف الإشارات، ج ٣، ص : ١٥٣
محدّثون فإن يكن في أمتى فعمر» وغير عمر مشارك لعمر في خواص كثيرة، وذلك شىء يتمّ بينهم وبين ربّهم.
قوله جلّ ذكره :
[سورة الأحزاب (٣٣) : آية ٨]
لِيَسْئَلَ الصَّادِقِينَ عَنْ صِدْقِهِمْ وَ أَعَدَّ لِلْكافِرِينَ عَذاباً أَلِيماً (٨)
يسألهم سؤال تشريف لا سؤال تعنيف، وسؤال إيجاب لا سؤال عتاب. والصدق ألّا يكون في أحوالك شوب ولا في اعتقادك ريب، ولا في أعمالك عيب. ويقال من أمارات الصدق في المعاملة وجود الإخلاص من غير ملاحظة مخلوق. والصدق في الأحوال تصفيتها من غير مداخلة إعجاب.
والصدق في الأقوال سلامتها من المعاريض فيما بينك وبين نفسك، وفيما بينك وبين الناس التباعد عن التلبيس، وفيما بينك وبين اللّه بإدامة التبرّى من الحول والقوة، ومواصلة الاستعانة «١»، وحفظ العهود معه على الدوام.
والصدق في التوكل عدم الانزعاج عند الفقد، وزوال الاستبشار بالوجود «٢».
والصدق في الأمر بالمعروف التحرّز من قليل المداهنة وكثيرها، وألا تترك ذلك لفزع أو لطمع، وأن تشرب مما تسفى، وتتصف بما تأمر، وتنهى (نفسك) «٣» عما تزجر.
ويقال الصدق أن يهتدى إليك كلّ أحد، ويكون عليك فيما تقول وتظهر اعتماد. ويقال الصدق ألا تجنح إلى التأويلات «٤».
١) هكذا في ص وهي في م (الاستغاثة) وكلاهما مقبول في السياق.
(٢) هكذا في ص وم وربما كلتت (الموجود) إذ نحسب أن مقصد القشيري أن تكون راضيا إذا فقدت أو وجدت، وفي ذلك يقول عبد اللّه بن خفيف : القناعة ترك التشوف إلى المفقود والاستغناء (بالموجود) الرسالة ص ٨١ والشاكر الذي يشكر على (الموجود) والشكور الذي يشكر على المفقود (الرسالة ص ٨٩). ومع ذلك فقد وردت (الوجود) فى قول النوري : الصوفي نعته السكون عند العدم والإيثار عند الوجود... فالوجود بهذا المعنى ضد العدم أي وجود الأشياء وفقدانها. ولكننا نفضل أن يقتصر اصطلاح (الوجود) على الدرجة القصوى بعد التواجد والوجد، وهو للحق. (الرسالة ص ٣٦ و٣٧) وأنظر أيضا تفسير القشيري للآية ٣٩ سورة سبأ (فى هذا المجلد)
(٣) وضعنا (نفسك) من عندنا ليتضح المعنى.
(٤) معروف أن القشيري يكره التأويلات المؤدية إلى الاسترخاص بالنسبة للصوفية. [.....]