لطائف الإشارات، ج ٣، ص : ١٦١
و قطع الرّحم، ويريد بهم الأخلاق الكريمة كالجود والإيثار والسخاء وصلة الرّحم، ويديم لهم التوفيق والعصمة والتسديد، ويطهرهم من الذنوب والعيوب.
قوله جل ذكره :
[سورة الأحزاب (٣٣) : آية ٣٤]
وَاذْكُرْنَ ما يُتْلى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آياتِ اللَّهِ وَ الْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كانَ لَطِيفاً خَبِيراً (٣٤)
إذ كرن عظيم النعمة وجليل الحالة التي تجرى في بيوتكن من نزول الوحى ومجىء الملائكة، وحرمة الرسول - صلى اللّه عليه وسلم - والنور الذي يقتبس في الآفاق، ونور الشمس الذي ينبسط على العالم، فاعرفن «١» هذه النعمة، وارعين هذه الحرمة.
قوله جل ذكره :
[سورة الأحزاب (٣٣) : آية ٣٥]
إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَ الْمُسْلِماتِ وَ الْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُؤْمِناتِ وَ الْقانِتِينَ وَ الْقانِتاتِ وَ الصَّادِقِينَ وَ الصَّادِقاتِ وَ الصَّابِرِينَ وَ الصَّابِراتِ وَ الْخاشِعِينَ وَ الْخاشِعاتِ وَ الْمُتَصَدِّقِينَ وَ الْمُتَصَدِّقاتِ وَ الصَّائِمِينَ وَ الصَّائِماتِ وَ الْحافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَ الْحافِظاتِ وَ الذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَ الذَّاكِراتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَ أَجْراً عَظِيماً (٣٥)
الإسلام هو الاستسلام، والإخلاص، والمبالغة في المجاهدة والمكابدة.
«وَالْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُؤْمِناتِ...»
الإيمان هو التصديق وهو مجمع الطاعات، ويقال هو التصديق والتحقيق، ويقال هو انتسام الحقيقة في القلب. ويقال هو حياة القلب أولا بالعقل، ولقوم بالعلم، ولآخرين، بالفهم عن اللّه، ولآخرين بالتوحيد، ولآخرين بالمعرفة، ولآخرين إيمانهم حياة قلوبهم باللّه.
«وَالْقانِتِينَ وَ الْقانِتاتِ...»
القنوت طول العبادة.
«وَالصَّادِقِينَ وَ الصَّادِقاتِ...»
فى عهودهم وعقودهم ورعاية حدودهم.

_
(١) عرف هنا بمعنى ذكر الفضل.. وبهذه المناسبة أكشف للقارىء عن شىء حيرنى دهرا طويلا حينما كنت أقرأ فائية ابن الفارض التي أولها :
قلبى يحدثنى بأنك متلغى روحى فداك عرفت أم لم تعرف
فطالما أزعجنى الشطر التالي من هذا البيت لأنى كنت أربط بين عرف وبين علم. فكنت أسائل لغمى كيف يخاطب ابن الفارض ربه على هذا النحو؟ حق اهتديت الى أن المعنى : التي سأفتديك بروحى حتى ولو ثلفت فى ذلك، وسأبق عليه، سواء ذكرت لى ما أصنع، واحتسبته.. أم لم تفعل.


الصفحة التالية
Icon