لطائف الإشارات، ج ٣، ص : ١٩٤
و أمّا «الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ» فلهم مغفرة أي ستر لذنوبهم اليوم، ولو لا ذلك لا فتضحوا، ولو لا ذلك لهلكوا.
«وَأَجْرٌ كَبِيرٌ» : والأجر الكبير اليوم سهولة العبادة ودوام المعرفة، وما يناله في القلب من زوائد اليقين وخصائص الأحوال. وفي الآخرة : تحقيق السّؤل ونيل ما فوق المأمول.
قوله جل ذكره :
[سورة فاطر (٣٥) : آية ٨]
أَ فَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ وَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَراتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِما يَصْنَعُونَ (٨)
معنى الآية : أ فمن زين له سوء عمله فرآه حسنا كمن ليس كذلك؟ لا يستويان! ومعنى «زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ» أن الكافر يتوهّم أنّ عمله حسن، قال تعالى :«وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً» «١».
ثم الراغب في الدنيا يجمع حلالها وحرامها، ويحوّش «٢» حطامها، ولا يفكر في زوالها، ولا في ارتحاله عنها قبل كما لها فلقد زين له سوء عمله (و الذي يتبع شهواته ويبيع مؤبّد راحاته فى الجنة بساعة فلقد زين له سوء عمله) «٣». وإن الذي يؤثر على ربّه شيئا من المخلوقات لهو من جملتهم. والذي يتوهّم أنه إذا وجد نجاته ودرجاته في الجنة - وأنّ هذا يكفيه... فقد زيّن له سوء عمله حيث يتغافل عن حلاوة المناجاة. والذي هو في صحبة حظوظه ولا يؤثر حقوق اللّه فلقد زين له سوء عمله فرآه حسنا.
«فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَراتٍ» : يعنى إذا عرفت حقّ «٤» التقدير، وعلمت أنهم سقطوا من عين اللّه، ودعوتهم جهرا، وبذلت لهم نصحا، فاستجابتهم ليست لك، فلا تجعل على قلبك من ذلك مشقة ولا عناء.
(١) آية ١٠٤ سورة الكهف.
(٢) حوش المال ونحوه - جمعه وادخره (الوسيط).
(٣) ما بين القوسين موجود في م وغير موجود في ص.
(٤) هكذا في م وهي في ص (سرّ) التقدير.