لطائف الإشارات، ج ٣، ص : ١٩٥
قوله جل ذكره :
[سورة فاطر (٣٥) : آية ٩]
وَاللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّياحَ فَتُثِيرُ سَحاباً فَسُقْناهُ إِلى بَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَحْيَيْنا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها كَذلِكَ النُّشُورُ (٩)
أجرى سنّته بأنه يظهر فضله في إحياء الأرض بالتدريج فأولا يرسل الرياح ثم يأتى بالسحاب، ثم يوجّه ذلك السحاب إلى الموضع الذي يريد له تخصيصا كيف يشاء، ويمطر هناك كيف يشاء. كذلك إذا أراد إحياء قلب عبد بما يسقيه وينزل عليه من أمطار عنايته، فيرسل أولا رياح الرجاء، ويزعج بها كوامن الإرادة، ثم ينشىء فيها سحب الاهتياج، ولوعة الانزعاج، ثم يجود بمطر ينبت في القلب أزهار البسط، وأنوار «١» الرّوح، فيطيب لصاحبه العيش إلى أن تتمّ لطائف الأنس.
قوله جل ذكره :
[سورة فاطر (٣٥) : آية ١٠]
مَنْ كانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَ الْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ وَ الَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئاتِ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ وَ مَكْرُ أُولئِكَ هُوَ يَبُورُ (١٠)
من كان يريد العزة بنفسه فليعلم أنّ العزة بجملتها للّه، فليس للمخلوق شىء من العزّة.
ويقال من كان يريد العزة لنفسه فلله العزّة جميعا، أي فليطلبها من اللّه، وفي آية أخرى أثبت العزة للّه ولرسوله وللمؤمنين، وقال هاهنا «فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً» ووجه الجمع بينهما أن عزّ الربوبية للّه وصفا، وعزّ الرسول، وعزّ المؤمنين لهم فضلا من اللّه ولطفا فإذا العزّة للّه جميعا.
وعزّه سبحانه - قدرته. أو ويقال العزيز هو القاهر الذي لا يقهر فيكون من صفات فعله على أول القولين.. ومن صفات ذاته على القول الآخر. ويقال العزيز هو الذي لا يوصل إليه من قولهم : أرض عزاز إذا لم تستقر عليها الأقدام، فيرجع معناه إلى جلال سلطانه.
ويقال العزيز الذي لا مثل له من قولهم : عزّ الطعام في اليد، فيرجع إلى استحقاقه لصفات المجد والعلو.
(١) أنوار هنا جمع نورة وهي الزهرة البيضاء.