لطائف الإشارات، ج ٣، ص : ١٩٦
قوله :«إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ» : الكلم الطيب هو الصادر عن عقيدة طيبة - يعنى الشهادتين - عن إخلاص. وأراد به صعود قبول لأنّ حقيقة الصعود في اللغة بمعنى الخروج - ولا يجوز في صفة الكلام «١».
«وَ الْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ» : أي يقبله. ويقال العمل الصالح يرفع الكلم الطيب. ويقال الكلم الطيب ما يكون موافقا للسّنّة، ويقال هو ما يشهد بصحّته الإذن والتوقيف. ويقال هو نطق القلب بالثناء على ما يستوجبه الربّ. ويقال هو ما يكون دعاء للمسلمين. ويقال ما يتجرد حقّا للحقّ ولا يكون فيه حظّ للعبد. ويقال ما هو مستخرج من العبد وهو فيه مفقود «٢». ويقال هو بيان التنصّل وكلمة الاستغفار.
ويقال العمل الصالح ما يصلح للقبول، ويقال الذي ليس فيه آفة ولا يطلب عليه عوض قوله جل ذكره :«وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئاتِ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ وَ مَكْرُ أُولئِكَ هُوَ يَبُورُ».
أي يقلب عليهم مكرهم فما يتوهمونه من خير لهم يقلبه محنة عليهم. ويقال : تخليته إياهم ومكرهم «٣» - مع قدرته على عصمتهم، وكونه لا يعصمهم هي عذابهم الشديد.
قوله جل ذكره :
[سورة فاطر (٣٥) : آية ١١]
وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْواجاً وَ ما تَحْمِلُ مِنْ أُنْثى وَ لا تَضَعُ إِلاَّ بِعِلْمِهِ وَ ما يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَ لا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلاَّ فِي كِتابٍ إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (١١)
ذكّرهم نسبتهم لئلا يعجبوا بحالتهم، ثم إن ما يتّخذ من الطين سريع التغيّر، قليل

_
(١) لأن الخروج يقتضى محلا.. والألوهية تتنزه عنه.
(٢) أي ما يصدر عن العبد وهو مأخوذ مستلب عن نفسه - من المعارف.
(٣) نصبنا الراء فى (و مكرهم) لتكون مفعولا معه فهكذا نفهم السياق.


الصفحة التالية
Icon