لطائف الإشارات، ج ٣، ص : ٢٢٢
«أَزْواجُهُمْ» : قيل أشكالهم في الحال والمنزلة، كقوله :«احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَ أَزْواجَهُمْ» «١» وقيل حظاياهم «٢» من زوجاتهم.
«لَهُمْ فِيها فاكِهَةٌ وَ لَهُمْ ما يَدَّعُونَ» «لَهُمْ فِيها فاكِهَةٌ» : أي نصيب أنفسهم. ويقال الإشارة فيها إلى راحات الوقت دون حظوظ النفس.
«لَهُمْ فِيها فاكِهَةٌ وَ لَهُمْ ما يَدَّعُونَ» : ما يريدون، ويقال تسلم لهم دواعيهم، والدعوى - إذا كانت بغير حقّ - معلولة.
قوله تعالى :
[سورة يس (٣٦) : آية ٥٨]
سَلامٌ قَوْلاً مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ (٥٨)
يسمعون كلامه وسلامه بلا واسطة، وأكّد ذلك بقوله :«قَوْلًا».
وبقوله :«مِنْ رَبٍّ» ليعلم أنه ليس سلاما على لسان سفير.
«مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ». والرحمة في تلك الحالة أن يرزقهم الرؤية في حال ما يسلّم عليهم لتكمل لهم النعمة. ويقال الرحمة في ذلك الوقت أن ينقّيهم في حال سماع السلام وحال اللقاء لئلا يصحبهم دهش، ولا تلحقهم حيرة.
ويقال إنما قال :«مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ» ليكون للعصاة من المؤمنين فيه نفس، ولرجائهم مساغ فإن الذي يحتاج إلى الرحمة العاصي.
ويقال : قال ذلك ليعلم العبد أنه لم يصل إليه بفعله واستحقاقه، وإنما وصل إليه برحمة ربه.
قوله جل ذكره :
[سورة يس (٣٦) : آية ٥٩]
وَامْتازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ (٥٩)
غيبة الرقيب أتمّ نعمة، وإبعاد العدوّ «٣» من أجلّ العوارف «٤» فالأولياء في إيجاب القربة، والأعداء في العذاب والحجبة.

_
(١) آية ٢٢ سورة الصافات.
(٢) جمع حظية وهي المرأة التي تفضل على غيرها في المحبة.
(٣) يقول قتادة فى «امتازوا» إنها بمعنى عزلوا عن كل خير.
(٤) العوارف جمع عارفة وهي الفضل والإحسان.


الصفحة التالية
Icon