لطائف الإشارات، ج ٣، ص : ٢٥١
و يقال لم يكن أوريا قد تزوّج بها بعد، وقد كان خطبها، وأجابته في التزوج به، فخطب داود على خطبته. وقيل بل كانت امرأته وسأله أن ينزل عنها، فنزل على أمره وتزوجها. وقيل بل أرسل أوريا إلى قتال الأعداء فقتل وتزوّج بها. فلمّا تسوّر الخصمان عليه، وقيل دخلا من سور المحراب أي أعلاه ولذلك :- «فَفَزِعَ مِنْهُمْ قالُوا لا تَخَفْ خَصْمانِ بَغى بَعْضُنا عَلى بَعْضٍ فَاحْكُمْ بَيْنَنا بِالْحَقِّ وَ لا تُشْطِطْ وَ اهْدِنا إِلى سَواءِ الصِّراطِ» نحن خصمان ظلم بعضنا بعضا، فاحكم بيننا بالعدل :
[سورة ص (٣٨) : آية ٢٣]
إِنَّ هذا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَ تِسْعُونَ نَعْجَةً وَ لِيَ نَعْجَةٌ واحِدَةٌ فَقالَ أَكْفِلْنِيها وَ عَزَّنِي فِي الْخِطابِ (٢٣)
«أَكْفِلْنِيها» أي انزل عنها حتى أكفلها أنا، «وَعَزَّنِي فِي الْخِطابِ». أي غلبنى، فقال داود :
[سورة ص (٣٨) : آية ٢٤]
قالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤالِ نَعْجَتِكَ إِلى نِعاجِهِ وَ إِنَّ كَثِيراً مِنَ الْخُلَطاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَ قَلِيلٌ ما هُمْ وَ ظَنَّ داوُدُ أَنَّما فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَ خَرَّ راكِعاً وَ أَنابَ (٢٤)
فضحك أحدهما في وجه صاحبه، وصعد إلى السماء بين يديه، فعلم داود عند ذلك أنه تنبيه له وعتاب فيما سلف منه، وظنّ واستيقن أنه جاءته الفتنة الموعودة :
أخذ في التضرع، وجاء في التفسير أنه سجد أربعين يوما لا يرفع رأسه من السجود إلا (للصلاة) «١» المكتوبة عليه، وأخذ يبكى حتى نبت العشب من دموعه، ولم يأكل ولم

_
(١) (الصلاة) غير واردة في النسختين وقد استعنا بالقرطبي في هذه التكملة (ج ١٥ ص ١٨٥) وقد وجدناها -


الصفحة التالية
Icon