لطائف الإشارات، ج ٣، ص : ٢٧٢
أي هل يستويان؟ هذا في أعلى الفضائل وهذا في سوء الرذائل! «الَّذِينَ يَعْلَمُونَ» : العلم فى وصف المخلوق على ضربين : مجلوب مكتسب للعبد، وموهوب من قبل الربّ. ويقال مصنوع وموضوع. ويقال علم برهان وعلم بيان فالعلوم الدينية كلّها برهانية إلّا ما يحصل بشرط الإلهام.
قوله جل ذكره :
[سورة الزمر (٣٩) : آية ١٠]
قُلْ يا عِبادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هذِهِ الدُّنْيا حَسَنَةٌ وَ أَرْضُ اللَّهِ واسِعَةٌ إِنَّما يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسابٍ (١٠)
أطيعوه واحذروا مخالفة أمره. «لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هذِهِ الدُّنْيا» بأداء الطاعات، (و الإحسان هو الإتيان بجميع وجوه الإمكان) «١».
«وَأَرْضُ اللَّهِ واسِعَةٌ» : أي لا تتعلّلوا بأذى الأعداء إن نبا بكم منزل فتعلّلكم بمعاداة قوم ومنعهم إياكم - لا يسمع، فأرض اللّه واسعة، فاخرجوا منها إلى موضع آخر تتم لكم فيه عبادتكم «٢».
«إِنَّما يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسابٍ». والصبر حبس النّفس على ما تكرهه.
ويقال هو تجرّع كاسات التقدير من غير استكراه ولا تعبيس.
ويقال هو التهدّف «٣» لسهام البلاء.
قوله جل ذكره :
[سورة الزمر (٣٩) : الآيات ١١ الى ١٢]
قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ (١١) وَ أُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ (١٢)
(١) تأخر ما بين قوسين فجاء بعد (السهام البلاء) فوضعناه في هذا المكان لأنه يوضح المقصود بتوضيح «أحسنوا».
(٢) يقول القشيري في إحدى وصاياه للمريدين حاثا على السفر :«إن ابتلى مريد بجاه أو معلوم أو صحبة حدث أو ميل إلى امرأة أو استنامة إلى معلوم وليس هناك شيخ يدله على ما به يتخلص من ذلك فعند ذلك حل له السفر والتحول عن ذلك الموضع ليشوش على نفسه تلك الحالة» (الرسالة ص ٢٠٢).
(٣) التهدف - الدنو والاستقبال.