لطائف الإشارات، ج ٣، ص : ٢٧٦

أخبر أنه ينزل من السماء المطر فيخرج به الزرع فيخضرّ، ثم يأخذ في الجفاف، ثم يصير هشيما والإشارة من هذا إلى الإنسان، يكون طفلا ثم شابا ثم كهلا ثم شيخا ثم يصير إلى أرذل العمر ثم في آخره يخترم.
ويقال إن الزّرع ما لم يأخذ في الجفاف لا يؤخذ منه الحبّ، فالحبّ هو المقصود منه..
كذلك الإنسان ما لم يحصل من نفسه وصول لا يكون له قدر ولا قيمة.
ويقال إن كون المؤمن بقوة عقله يوجب استفادة له بعلمه إلى أن يبدو منه كمال يمكّن من أنوار بصيرته، ثم إذا بدت لائحة من سلطان المعارف تصير تلك الأنوار مغمورة. فإذا بدت أنوار التوحيد استهلكت تلك الجملة، قالوا :
فلمّا استبان الصبح أدرج «١» ضوءه بأنواره أنوار تلك الكواكب
قوله جل ذكره :
[سورة الزمر (٣٩) : آية ٢٢]
أَ فَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ فَهُوَ عَلى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ فَوَيْلٌ لِلْقاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ أُولئِكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (٢٢)
جواب هذا الخطاب محذوف أي أ فمن شرح اللّه صدره للإسلام كمن ليس كذلك؟
لمّا نزلت هذه الآية سئل الرسول - صلى اللّه عليه وسلم - عن الشرح المذكور فيها، فقال :«ذلك نور يقذف فى القلب، فقيل : وهل لذلك أمارة؟
_
(١) أدرج الشيء أي أفناه (الوسيط). والمقصود أن أنوار مصابيح المعرفة الإنسانية تتلاشى وتفنى عند سطوع شمس الحقيقة. وقد وردت في ص ٤٣ من الرسالة (أدرك) والصواب في نظرنا (أدرج).


الصفحة التالية
Icon