لطائف الإشارات، ج ٣، ص : ٣٠٥
و أنّبه بكل أنواع التأنيب. ثم لم يعجّل اللّه عقوبته، وأمهله إلى أن أوصل إليه شقوته - إنه سبحانه حليم بعباده.
قوله جل ذكره :
[سورة غافر (٤٠) : آية ٢٥]
فَلَمَّا جاءَهُمْ بِالْحَقِّ مِنْ عِنْدِنا قالُوا اقْتُلُوا أَبْناءَ الَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ وَ اسْتَحْيُوا نِساءَهُمْ وَ ما كَيْدُ الْكافِرِينَ إِلاَّ فِي ضَلالٍ (٢٥)
عزم على إهلاكه وإهلاك قومه، واستعان على ذلك بجنده وخيله ورجله، ولكن كان كما قال اللّه :«وَما كَيْدُ الْكافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلالٍ»، لأنه إذا حفر أحد لوليّ من أولياء اللّه تعالى حفرة ما وقع فيها غير حافرها... بذلك أجرى الحقّ سنّته.
قوله جل ذكره :
[سورة غافر (٤٠) : الآيات ٢٦ الى ٢٧]
وَقالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسى وَ لْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسادَ (٢٦) وَ قالَ مُوسى إِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَ رَبِّكُمْ مِنْ كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لا يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسابِ (٢٧)
«وَلْيَدْعُ رَبَّهُ» أي ليستعن بربه، وإنى أخاف أن يبدّل دينكم، وأخاف أن يفسد فى الأرض، وكان المفسد هو فرعون، وهو كما قيل في المثل :«رمتنى بدائها وانسلّت».
ولكن كادله له الكيد، والكائد لا يتخلص من كيده.
فاستعاذ موسى بربه، وانتدب في الردّ عليهم مؤمن باللّه وبموسى كان يكتم إيمانه عن فرعون وقومه :
[سورة غافر (٤٠) : آية ٢٨]
وَقالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمانَهُ أَ تَقْتُلُونَ رَجُلاً أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَ قَدْ جاءَكُمْ بِالْبَيِّناتِ مِنْ رَبِّكُمْ وَ إِنْ يَكُ كاذِباً فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَ إِنْ يَكُ صادِقاً يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ (٢٨)
- م (٢٠) لطائف الإشارات - ج ٣ -


الصفحة التالية
Icon