لطائف الإشارات، ج ٣، ص : ٣٤٩
و الطمأنينة. فسماع قوله :«اللَّهُ» أوجب لهم تهويلا، وسماع قوله :«لَطِيفٌ» أوجب لهم تأميلا.
ويقال : اللطيف من يعطى قدر الكفاية وفوق ما يحتاج العبد إليه.
ويقال : من لطفه بالعبد علمه بأنه لطيف، ولو لا لطفه لما عرف أنه لطيف.
ويقال : من لطفه أنه أعطاه فوق الكفاية، وكلفّه دون الطاقة.
ويقال : من لطفه بالعبد إبهام عاقبته عليه لأنه لو علم سعادته لاتّكل عليه، وأقلّ عمله.
ولو علم شقاوته لأيس ولترك عمله.. فأراده أن يستكثر في الوقت من الطاعة.
ويقال : من لطفه بالعبد إخفاء أجله عنه لئلا يستوحش إن كان قد دنا أجله.
ويقال : من لطفه بالعبد أنه ينسيه ما عمله في الدنيا من الزّلة لئلا يتنغّص عليه العيش فى الجنة.
ويقال : اللطيف من نوّر الأسرار «١»، وحفظ على عبده ما أودع قلبه من الأسرار «٢»، وغفر له ما عمل من ذنوب في الإعلان والإسرار.
قوله جل ذكره :
[سورة الشورى (٤٢) : آية ٢٠]
مَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَ مَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيا نُؤْتِهِ مِنْها وَ ما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ (٢٠)
«مَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ» : نزده - اليوم - فى الطاعات توفيقا، وفي المعارف وصفاء الحالات تحقيقا. ونزده في الآخرة ثوابا واقترابا وفنون نجاة وصنوف درجات.
«وَمَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيا» : مكتفيا به نؤته منها ما يريد، وليس له في الآخرة نصيب.
(١) هذه (الأسرار) جمع السر وهو الملكة الباطنية التي تعلو الروح - كما نعرف من المذهب العرفانى للقشيرى.
(٢) وأما (الأسرار) الثانية فهى جمع السر كما نعرفه - بمعنى الشأن الخفي.