لطائف الإشارات، ج ٣، ص : ٣٥٣
(أي إذا دعوه استجاب لهم) «١» بعظيم الثواب في الآخرة.
«وَ يَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ» : يقول المفسرون من أهل السّنّة في هذه الزيادة إنها الرؤية.
ذكر التوبة وأهلها، وذكر العاصين بوصفهم، ثم ذكر المطيعين الذين آمنوا وعملوا الصالحات.. فلمّا وصل إلى الزيادة - التي هي الرؤية - قال :«وَيَزِيدُهُمْ» على الجمع والكناية «٢» إذا تلمت مذكورات رجعت إليها جميعا فيكون المعنى أن الطاعات في مقابلها الدرجات، وتكون بمقدارها في الزيادة والنقصان، وأمّا الرؤية فسبيلها الزيادة والفضل..
والفضل ليس فيه تمييز.
ويقال : لمّا ذكر أنّ التائبين تقبل توبتهم، ومن لم يتب غفر زلّته «٣»، وأنّ المطيعين لهم الجنة.. فلربما خطر ببال أحد : وإذا فهذه النار لمن هى؟! فقال جل ذكره :
«وَالْكافِرُونَ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ».
فالعصاة من المؤمنين لهم عذاب.. أمّا الكافرون فلهم عذاب شديد لأنّ دليل الخطاب يقتضى هذا وذاك يقتضى أن المؤمنين لهم عذاب.. ولكن ليس بشديد، وأمّا عذاب الكافرين فشديد.
ويقال : إن لم يتب العبد خوفا من النار، ولا طمعا في الجنة لكان من حقّه أن يتوب ليقبل الحقّ - سبحانه.
ويقال إن العاصي يكون أبدا منكسر القلب، فإذا علم أن اللّه يقبل الطاعة من المطيعين يتمنى أن ليت له طاعة ميسّرة ليقبلها، فيقول الحقّ : عبدى، إن لم تكن لك طاعة تصلح للقبول فلك توبة إن أتيت بها تصلح لقبولها.
قوله جل ذكره :
[سورة الشورى (٤٢) : آية ٢٧]
وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَ لكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ ما يَشاءُ إِنَّهُ بِعِبادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ (٢٧)

_
(١) ما بين القوسين زيادة من عندنا وجدناها ضرورية لتوضيح العبارة.
(٢) يقصد القشيري بالكناية الضمير فى «و يزيدهم».
(٣) لأنه ربط ذلك بمشيئته - سبحانه - فقال «و يغفر ما دون ذلك لمن يشاء».


الصفحة التالية
Icon