لطائف الإشارات، ج ٣، ص : ٣٥٤
هذا الخطاب في الظاهر يشبه الاعتذار في تخاطب الآدميين. والمعنى : أننى لم أبسط عليك أيها الفقير في الدنيا لما كان لى من العلم أننى لو قسمت عليك الدنيا لطغيت، ولسعيت فى الأرض بالفساد.
ويقال : قوله :«وَلكِنْ..» : لكن كلمة استدراك، فالمعنى : لم أوسّع عليك الرزق بمقدار ما تريد ولم أمنع عنك (الكلّ) «١» لأنّ أنزّل بقدر ما أشاء.
قوله جل ذكره :
[سورة الشورى (٤٢) : آية ٢٨]
وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ ما قَنَطُوا وَ يَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وَ هُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ (٢٨)
اللّه - سبحانه محيى القلوب فكما أنه «هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ ما قَنَطُوا وَ يَنْشُرُ رَحْمَتَهُ»، فبعدما أصابت الأرض جدوبة، وأبطأ نزول الغيث، وقنط الناس من مجىء المطر، وأشرف الوقت على حدّ الفوات ينزّل اللّه بفضله الغيث، ويحيى الأرض بعد قنوط أهلها.. فكذلك العبد إذا ذبل غصن وقته، وتكدّر صفو ودّه، (و كسفت) «٢» شمس أنسه، (و بعد) «٣» عن الحضرة وساحات القرب عهده فلربما ينظر إليه الحقّ برحمته فينزل على سرّه أمطار الرحمة، ويعود عوده طريّا، وينبت في مشاهد أنسه وردا جنيّا..
وأنشدوا :
إن راعنى منك الصدود فلعلّ أيامى تعود
و لعلّ عهدك باللّوى يحيا فقد تحيا العهود
و الغصن ييبس تارة وتراه مخضرّا يميد
قوله جل ذكره :
[سورة الشورى (٤٢) : آية ٢٩]
وَمِنْ آياتِهِ خَلْقُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ ما بَثَّ فِيهِما مِنْ دابَّةٍ وَ هُوَ عَلى جَمْعِهِمْ إِذا يَشاءُ قَدِيرٌ (٢٩)

_
(١) هكذا في م، وهي في ص (الكيل) وهي خطأ في النسخ كما هو واضح من السياق.
(٢) هكذا في ص، وهي في م (كشفت) بالشين وهي خطأ في النسخ كما هو واضح.
(٣) سقطت في ص وموجودة في م والسياق يتطلبها.


الصفحة التالية
Icon