لطائف الإشارات، ج ٣، ص : ٣٦٢
إن أسرفتم في خلافكم؟ لا... إننا لا نرفع التكليف بأن خالفتم، ولا نهجركم - بقطع الكلام عنكم - إن أسرقتم.
و في هذا إشارة لطيفة وهو أنه لا يقطع الكلام - اليوم - عمّن تمادى في عصيانه، وأسرف في أكثر شانه. فأحرى أنّ من لم يقصّر في إيمانه - وإن تلطّخ بعصيانه، ولم يدخل خلل في عرفانه - ألا يمنع عنه لطائف غفرانه «١».
قوله جل ذكره :
[سورة الزخرف (٤٣) : الآيات ٦ الى ٧]
وَكَمْ أَرْسَلْنا مِنْ نَبِيٍّ فِي الْأَوَّلِينَ (٦) وَ ما يَأْتِيهِمْ مِنْ نَبِيٍّ إِلاَّ كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ (٧)
ما أتاهم من رسول فقابلوه بالتصديق، بل كذّب به الأكثرون وجحدوا، وعلى غيّهم أصرّوا...
[سورة الزخرف (٤٣) : آية ٨]
فَأَهْلَكْنا أَشَدَّ مِنْهُمْ بَطْشاً وَ مَضى مَثَلُ الْأَوَّلِينَ (٨)
أي لم يعجزنا أحد منهم، ولم نغادر منهم أحدا، وانتقمنا من الذين أساءوا.
قوله جل ذكره :
[سورة الزخرف (٤٣) : آية ٩]
وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ (٩)
كانوا يقرّون بأنّ اللّه خالقهم، وأنّه خلق السماوات والأرض، وإنما جحدوا حديث الأنبياء، وحديث البعث وجوازه.
[سورة الزخرف (٤٣) : آية ١٠]
الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْداً وَ جَعَلَ لَكُمْ فِيها سُبُلاً لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (١٠)
كما جعل الأرض قرارا لأشباحهم جعل الأشباح قرارا لأرواحهم فالخلق سكّان الأرض، فإذا انتهت المدة - مدة كون النفوس على الأرض - حكم اللّه بخرابها..
كذلك إذا فارقت الأرواح الأشباح بالكليّة قضى اللّه بخرابها.
(١) هكذا تتجلى نزعة الأمل والتفاؤل عند هذا الصوفي حيث يحاول في إشارته أن يبين كيف أن رحمة اللّه تمتد لتشمل المؤمنين العصاة حتى من أسرف منهم على نفسه.