لطائف الإشارات، ج ٣، ص : ٣٧٠
و التكذيب. ومع أنّ اللّه سبحانه لم يجر عليه من البيّنات شيئا إلا كان أوضح مما قبله إلا أنهم لم يقابلوه إلا بجفاء أوحش مما قبله. فلمّا عضّهم الأمر قالوا : يا أيها الساحر، ادع لنا ربّك ليكشف عنّا البليّة لنؤمن بك، فدعا موسى.. فكشف اللّه عنهم، فعادوا إلى كفرهم، ونقضوا عهدهم.
قوله جل ذكره :
[سورة الزخرف (٤٣) : آية ٥١]
وَنادى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قالَ يا قَوْمِ أَ لَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَ هذِهِ الْأَنْهارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَ فَلا تُبْصِرُونَ (٥١)
تعزّز بملك مصر، وجرى النيل بأمره! وكان في ذلك هلاكه ليعلم أنّ من تعزّز بشىء من دون اللّه فحتفه وهلاكه في ذلك الشي ء.
[سورة الزخرف (٤٣) : آية ٥٢]
أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَ لا يَكادُ يُبِينُ (٥٢)
استصغر موسى وحديثه، وعابه بالفقر.. فسلّطه اللّه عليه، وكان هلاكه بيديه، فما استصغر أحد أحدا إلا سلّطه اللّه عليه «١».
قوله جل ذكره :
[سورة الزخرف (٤٣) : آية ٥٤]
فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطاعُوهُ إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً فاسِقِينَ (٥٤)
أطاعوه طاعة الرهبة، وطاعة الرهبة لا تكون مخلصة، وإنما تكون الطاعة صادقة إذا صدرت عن الرغبة.
قوله جل ذكره :
[سورة الزخرف (٤٣) : آية ٥٥]
فَلَمَّا آسَفُونا انْتَقَمْنا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْناهُمْ أَجْمَعِينَ (٥٥)
«آسَفُونا» أغضبونا، وإنما أراد أغضبوا أولياءنا، فانتقمنا منهم. وهذا له أصل في باب

_
(١) يحاول القشيري أن يغمز بأولئك الذين يتعرضون للأولياء والعارفين، وكيف أن الحق - سبحانه - يتولى عنهم ردّ كيد الكائدين.


الصفحة التالية
Icon