لطائف الإشارات، ج ٣، ص : ٣٧٣
قوله جل ذكره :
[سورة الزخرف (٤٣) : آية ٦٣]
وَلَمَّا جاءَ عِيسى بِالْبَيِّناتِ قالَ قَدْ جِئْتُكُمْ بِالْحِكْمَةِ وَ لِأُبَيِّنَ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُونِ (٦٣)
ذكر مجىء عيسى عليه السلام أول مرة حيث أتى قومه بالشرائع الواضحة، ودعاهم إلى دين اللّه، ولكنهم تحزّبوا عليه «١»، وإن الذين كفروا به لمستحقون للعقوبة.
[سورة الزخرف (٤٣) : آية ٦٧]
الْأَخِلاَّءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ الْمُتَّقِينَ (٦٧)
ما كان لغير اللّه فمآله إلى الضياع. والأخلاء الذين اصطحبوا على مقتضى الهوى بعضهم لبعض عدو يتبرّأ بعضهم من بعض، فلا ينفع أحد أحدا.
وأمّا الأخلاء في اللّه فيشفع بعضهم في بعض، ويتكلم بعضهم في شأن بعض، أولئك هم المتقون الذين استثناهم اللّه بقوله :«إِلَّا الْمُتَّقِينَ».
وشرط الخلّة «٢» فى اللّه ألا يستعمل بعضهم بعضا في الأمور الدنيوية، ولا يرتفق بعضهم ببعض حتى تكون الصحبة خالصة للّه لا لنصيب في الدنيا، ويكون قبول بعضهم بعض لأجل اللّه، ولا تجرى بينهم مداهنة، وبقدر ما يرى أحدهم في صاحبه من قبول لطريق اللّه يقبله، فإن علم منه شيئا لا يرضاه اللّه لا يرضى ذلك من صاحبه، فإذا عاد إلى تركه غاد هذا إلى مودته، وإلّا فلا ينبغى أن يساعده على معصيته، كما ينبغى أن يتقيه بقلبه، وألايسكن إليه لغرض دنيوى أو لطمع أو لعوض.
قوله جل ذكره :
[سورة الزخرف (٤٣) : آية ٦٨]
يا عِبادِ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَ لا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ (٦٨)
يقال لهم غدا :«يا عِبادِ «٣» لا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ» مما يلقاه أهل

_
(١) كان تحزبهم إلى فرق متعددة هم : اليعقوبية والنسطورية والملكانية والشمعونية.
(٢) تضاف هذه الآراء إلى ما ذكره القشيري في رسالته في باب «الصحبة».
(٣) بالياء في الوصل والوقف مدنى وشامى وأبو عمرو، وبفتح الياء أبوبكر، والباقون بحذف الياء.


الصفحة التالية
Icon