لطائف الإشارات، ج ٣، ص : ٤٠٧
مضى الكلام في هذه الآية.
وَ الَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَ يَأْكُلُونَ كَما تَأْكُلُ الْأَنْعامُ وَ النَّارُ مَثْوىً لَهُمْ الأنعام تأكل من أي موضع بلا تمييز، وكذلك الكافر لا تمييز له بين الحلال والحرام.
[كذلك الأنعام ليس لها وقت لأكلها بل في كل وقت تقتات وتأكل، وكذلك الكافر، وفي الخبر :«إنه يأكل في سبعة أمعاء». أمّا المؤمن فيكتفى بالقليل كما في الخبر :«إن كان ولا بد فثلث للطعام وثلث للشراب وثلث للنفس» و«ما ملأ ابن آدم وعاء شرّا من بطنه»] «١».
ويقال : الأنعام تأكل على الغفلة فمن كان في حال أكله ناسيا ربّه فأكله كأكل الأنعام.
قوله جل ذكره :
[سورة محمد (٤٧) : آية ١٣]
وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِنْ قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ أَهْلَكْناهُمْ فَلا ناصِرَ لَهُمْ (١٣)
«٢».
«أَهْلَكْناهُمْ» : يعنى بها من أهلكهم من القرون الماضية في الأعصر الخالية.
قوله جل ذكره :
[سورة محمد (٤٧) : آية ١٤]
أَ فَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ كَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ وَ اتَّبَعُوا أَهْواءَهُمْ (١٤)
«البينة» : الضياء والحجّة، والاستبصار بواضح المحجة : فالعلماء في ضياء برهانهم، والعارفون في ضياء بيانهم «٣» فهؤلاء بأحكام أدلة الأصول يبصرون، وهؤلاء بحكم الإلهام والوصول يستبصرون.
(١) ما بين القوسين الكبيرين ساقط بتمامه من ص وثابت في م، وهذه الأخبار موجودة في الجامع الصغير ح ٢ ص ١٥٣ وفي كتاب «الأطعمة» بالجزء الثالث من صحيح البخاري، «و الأذكار» للنووى. وتكملة الخبر الأول :
عن أبى هريرة رضى اللّه عنه قال : قال رسول اللّه (ص) : يأكل المسلم في معى واحد والكافر يأكل في سبعة أمعاء، وروى كذلك عن ابن عمر.
(٢) عن ابن عباس قال : لما خرج النبي (ص) من مكة إلى الغار التفت إلى مكة وقال :«اللهم أنت أحب البلاد إلى اللّه وأنت احب البلاد إليّ ولو لا المشركون أهلك أخرجونى لما خرجت منك» فنزلت الآية - ذكره الثعلبي، وهو حديث صحيح.
(٣) هكذا في ص وهي في م (ثباتهم) ولكن ما في ص هو الأصوب لأننا نعرف من مذهب القشيري أن (البيان) للمعارفين والبرهان لأرباب العلم.