لطائف الإشارات، ج ٣، ص : ٤٣٠
و كان النبي صلى اللّه عليه وسلم قد ساق تلك السّنة سبعين بدنة.
قوله جل ذكره :«وَلَوْ لا رِجالٌ مُؤْمِنُونَ وَ نِساءٌ مُؤْمِناتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَؤُهُمْ «١» فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ لِيُدْخِلَ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ» لو تسلطتم عليهم لأصابتهم معرة ومضرّة منكم بغير علم لسلّطناكم عليهم ولأظفرناكم بهم.
وفي هذا تعريف للعبد بأن أمورا قد تنغلق وتتعسّر فيضيق قلب الإنسان.. وللّه في ذلك سرّ، ولا يعدم ما يجرى من الأمر أن يكون خيرا للعبد وهو لا يدرى.. كما قالوا :
كم مرة حفّت بك المكاره خير لك اللّه.. وأنت كاره
قوله جل ذكره :
[سورةالفتح (٤٨) : آية ٢٦]
إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجاهِلِيَّةِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلى رَسُولِهِ وَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَ أَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوى وَ كانُوا أَحَقَّ بِها وَ أَهْلَها وَ كانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً (٢٦)
يعنى الأنفة «٢» أي دفعتهم أنفة الجاهلية أن يمنعوكم عن المسجد الحرام سنة الحديبية، فأنزل اللّه سكينته في قلوب المؤمنين حيث لم يقابلوهم بالخلاف والمحاربة، ووقفوا واستقبلوا الأمر بالحلم.
«وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوى » وهي كلمة التوحيد تصدر عن قلب صادق : فكلمة التقوى يكون معها الاتقاء من الشّرك.
(١) أن تطئوهم : بالقتل والإيقاع بهم. يقال وطئت القوم : أي أوقعت بهم. فجواب لو لا محذوف والمعنى :
و لو أن تطئوا رجالا مؤمنين ونساء مؤمنات لم تعلموهم لأذن اللّه لكم في دخول مكة، ولسلطكم عليهم، ولكننا صنا من كان فيها يكتم وإيمانه.
(٢) هكذا في م وهي في ص (الإنية) وقد رجحنا الأولى.