لطائف الإشارات، ج ٣، ص : ٤٣٢
و كان في ذلك نوع امتحان لهم :«فَعَلِمَ ما لَمْ تَعْلَمُوا» أنتم من الحكمة في التأخير «١».
وقوله :«إِنْ شاءَ اللَّهُ» معناه إذ شاء اللّه كقوله :«إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ» وقيل. قالها على جهة تنبيههم إلى التأدّب بتقديم المشيئة في خطابهم «٢» وقيل يرجع تقديم المشيئة إلى : إن شاء اللّه آمنين أو غير آمنين.
وقيل. يرجع تقديم المشيئة إلى دخول كلّهم أو دخول بعضهم فإن الدخول كان بعد سنة، ومات منهم قوم.
قوله جل ذكره :
[سورة الفتح (٤٨) : آية ٢٨]
هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَ دِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَ كَفى بِاللَّهِ شَهِيداً (٢٨)
أرسل رسوله محمدا صلى اللّه عليه وسلم بالدين الحنفي، وشريعة الإسلام ليظهره على كل ما هو دين «٣» فما من دين لقوم إلا ومنه في أيدى المسلمين سرّ وللإسلام العزة والغلبة عليه بالحجج والآيات.
وقيل : ليظهره وقت نزول عيسى عليه السلام «٤».
وقيل : فى القيامة حيث يظهر الإسلام على كل الأديان.
وقيل : ليظهره على الدين كله بالحجة والدليل.
قوله جل ذكره :
[سورة الفتح (٤٨) : آية ٢٩]
مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَ الَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ تَراهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَ رِضْواناً سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْراةِ وَ مَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوى عَلى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَ أَجْراً عَظِيماً (٢٩)

_
١) قد تكون الحكمة في التأخير هو ما سيحدث لهم من الخير والصلاح والتفوق وكثرة العدد، فإنه عليه السلام رجع من هذا الموقف إلى خيبر فافتتحها، ورجع بأموال وعدة ورجال أضعاف ما كان عليه في ذلك العام، وأقبل على مكة في أهبة وعدة. يدلك على ذلك أنهم كانوا عام الحديبية سنة ست عددهم ألف وأربعمائة، وكانوا بعده عشرة آلاف.
(٢) إشارة إلى قوله تعالى :«وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فاعِلٌ ذلِكَ غَداً إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ».
(٣) أي أن (الدين) فى الآية اسم جنس، أو اسم بمعنى المصدر، ويستوى فيه المفرد والجمع.
(٤) أي عند نزوله لا يبقى على وجه الأرض كافر.


الصفحة التالية
Icon