لطائف الإشارات، ج ٣، ص : ٤٤٨
[سورة ق (٥٠) : آية ٤]
قَدْ عَلِمْنا ما تَنْقُصُ الْأَرْضُ مِنْهُمْ وَ عِنْدَنا كِتابٌ حَفِيظٌ (٤)
فى هذا تسلية للعبد فإنه إذا وسّد التراب، وانصرف عنه الأصحاب، واضطرب لوفاته الأحباب. فمن يتفقّده ومن يتعهّده... وهو في شفير قبره، وليس لهم منه شىء سوى ذكره، ولا أحد منهم يدرى ما الذي يقاسيه المسكين في حفرته؟ فيقول الحقّ - سبحانه :
«قَدْ عَلِمْنا...» ولعلّه يخبر الملائكة قائلا : عبدى الذي أخرجته من دنياه - ماذا بقي بينه من يهواه؟ هذه أجزاؤه قد تفرّقت، وهذه عظامه بليت، وهذه أعضاؤه قد تفتّتت! «وَعِنْدَنا كِتابٌ حَفِيظٌ» : وهو اللّوح المحفوظ أثبتنا فيه تفصيل أحوال الخلق من غير نسيان، وبيّنّا فيه كلّ ما يحتاج العبد إلى تذكّره.
قوله جل ذكره :
[سورة ق (٥٠) : آية ٥]
بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جاءَهُمْ فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ (٥)
«مَرِيجٍ» أي مختلط وملتبس فهم يتردّدون في ظلمات تحيّرهم، ويضطربون في شكّهم.
قوله جل ذكره :
[سورة ق (٥٠) : آية ٦]
أَ فَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّماءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْناها وَ زَيَّنَّاها وَ ما لَها مِنْ فُرُوجٍ (٦)
أ ولم يعتبروا؟ أ ولم يستدلّوا بما رفعنا فوقهم من السماء، رفعنا سمكها فسوّيناها، وأثبتنا فيها الكواكب وبها زيّناها، وأدرنا فيها شمسها وقمرها؟ أ ولم يروا كيف جلّسنا عينها ونوّعنا أثرها؟
[سورة ق (٥٠) : آية ٧]
وَالْأَرْضَ مَدَدْناها وَ أَلْقَيْنا فِيها رَواسِيَ وَ أَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ (٧)
و الأرض مددناها فجعلناها لهم مهادا، وجعلنا لها الجبال أوتادا، وأنبتنا فيها أشجارا وأزهارا وأنوارا.. كل ذلك :