لطائف الإشارات، ج ٣، ص : ٤٥٩
سورة الذّاريات
قوله جل ذكره :«بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ»
بسم اللّه كلمة عزيزة من ذكرها عزّ لسانه، ومن عرفها اهتزّ بصحبتها جنانه «بِسْمِ اللَّهِ» كلمة للألباب غلّابة، كلمة لأرواح المحبّين سلّابة.
قوله جل ذكره :
[سورة الذاريات (٥١) : الآيات ١ الى ٦]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

وَ الذَّارِياتِ ذَرْواً (١) فَالْحامِلاتِ وِقْراً (٢) فَالْجارِياتِ يُسْراً (٣) فَالْمُقَسِّماتِ أَمْراً (٤)
إِنَّما تُوعَدُونَ لَصادِقٌ (٥) وَ إِنَّ الدِّينَ لَواقِعٌ (٦)
وَ الذَّارِياتِ : أي الرياح الحاملات «وِقْراً» أي السحاب «فَالْجارِياتِ» أي السفن.
«فَالْمُقَسِّماتِ أَمْراً» أي الملائكة.. أقسم بربّ هذه الأشياء وبقدرته عليها. وجواب القسم :
«إِنَّما تُوعَدُونَ لَصادِقٌ..» والإشارة في هذه الأشياء أن من جملة الرياح. الرياح الصيحية «١» تحمل أنين المشتاقين إلى ساحات العزّة فيأتى نسيم القربة إلى مشامّ أسرار أهل المحبة..
فعندئذ يجدون راحة من غلبات اللوعة، وفي معناه أنشدوا :
و إنى لأستهدى الرياح نسيمكم إذا أقبلت من أرضكم بهبوب
و أسألها حمل السلام إليكمو فإن هي يوما بلّغت.. فأجيبى
و من السحاب ما يمطر بعتاب الغيبة، ويؤذن بهواجم النّوى والفرقة. فإذا عنّ لهم من ذلك شىء أبصروا ذلك بنور بصائرهم، فيأخذون في الابتهال، والتضرّع في السؤال استعاذة منها.. كما قالوا :
_
(١) إشارة إلى صيحاتهم عند اشتداد الوجد.


الصفحة التالية
Icon