لطائف الإشارات، ج ٣، ص : ٤٦٤
قوله جل ذكره :
[سورة الذاريات (٥١) : الآيات ٢٠ الى ٢٢]
وَفِي الْأَرْضِ آياتٌ لِلْمُوقِنِينَ (٢٠) وَ فِي أَنْفُسِكُمْ أَ فَلا تُبْصِرُونَ (٢١) وَ فِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ وَ ما تُوعَدُونَ (٢٢)
كما أنّ الأرض تحمل كلّ شىء فكذلك العارف يتحمّل كلّ أحد.
ومن استثقل أحدا أو تبرّم برؤية أحد فلغيبته عن الحقيقة، ولمطالعته الخلق بعين التفرقة - وأهل الحقائق لا يتصفون بهذه الصفة.
ومن الآيات التي في الأرض أنها يلقى عليها كلّ قذارة وقمامة - ومع ذلك تنبت كلّ زهر ونور.. كذلك العارف يتشرب كلّ ما يسقى من الجفاء، ولا يترشح إلّا بكل خلق علىّ وشيمة زكيّة «١».
ومن الآيات التي في الأرض (أنّ ما كان منها سبخا يترك ولا يعمّر لأنه لا يحتمل العمارة - كذلك الذي لا إيمان له بهذه الطريقة يهمل، فمقابلته بهذه الصفة) «٢» كإلقاء البذر في الأرض السبخة.
«وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَ فَلا تُبْصِرُونَ» : أي وفي أنفسكم أيضا آيات، فمنها وقاحتها في همتها «٣»، ووقاحتها في صفتها، ومنها دعاواها العريضة فيما ترى منها وبها، ومنها أحوالها المريضة حين تزعم أنّ ذرّة أو (...) «٤» بها أو منها.
«وَفِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ وَ ما تُوعَدُونَ» : أي قسمة أرزاقكم في السماء، فالملائكة الموكّلون بالأرزاق ينزلون من السماء.
ويقال : السماء هاهنا المطر، فبالمطر ينبت الحبّ والمرعى.
(١) يقول الجنيد :«الصوفى كالأرض يطرح عليها كل قبيح ولا يخرج منها إلا كل مليح»، وقال أيضا :
«إنه كالأرض يطؤها البر والفاجر» (الرسالة ص ١٣٩).
(٢) ما بين القوسين موجود في م وساقط في ص.
(٣) هكذا في م وهي في ض (صمتها) ويبدو أن الهاء اشتبهت على الناسخ.
(٤) مشتبهة في النسختين. [.....]