لطائف الإشارات، ج ٣، ص : ٤٨٣
قوله جل ذكره :
[سورة النجم (٥٣) : آية ١١]
ما كَذَبَ الْفُؤادُ ما رَأى (١١)
ما كذّب فؤاد محمد صلى اللّه عليه وسلم ما رآه ببصره من الآيات. وكذلك يقال : رأى ربّه تلك الليلة على الوصف الذي علمه قبل أن يراه «١».
قوله جل ذكره :
[سورة النجم (٥٣) : آية ١٢]
أَ فَتُمارُونَهُ عَلى ما يَرى (١٢)
أ فتجادلونه على ما يرى؟
قوله جل ذكره :
[سورة النجم (٥٣) : الآيات ١٣ الى ١٥]
وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى (١٣) عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهى (١٤) عِنْدَها جَنَّةُ الْمَأْوى (١٥)
أي جبريل رأى اللّه مرة أخرى حين كان محمد عند سدرة المنتهى وهي شجرة في الجنة، وهي منتهى الملائكة، وقيل : تنتهى إليها أرواح الشهداء. ويقال : تنتهى إليها أرواح الخلق، ولا يعلم ما وراءها إلا اللّه تعالى - وعندها «جَنَّةُ الْمَأْوى » وهي جنة من الجنان.
قوله جل ذكره :
[سورة النجم (٥٣) : آية ١٦]
إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ ما يَغْشى (١٦)
يغشاها ما يغشاها من الملائكة ما اللّه أعلم به.
وفي خبر : يغشاها رفرف طير خضر.
ويقال : يغشاها فراش من ذهب.
(١) يقول القشيري في كتابه المعراج ص ٩٤ :«و اختلفوا في رؤية اللّه سبحانه ليلة المعراج فقالت عائشة رضى اللّه عنها : إن النبي (ص) لم ير ربّه ليلة المعراج، ومن زعم أن محمدا رأى ربّه ليلة المعراج فقد أعظم على اللّه الفرية. وقال ابن عباس : إن نبينا (ص) رأى ربّه ليلة المعراج.
ثم اختلفت الرواية عن ابن عباس ففى رواية أنه رآه بعين رأسه، وفي رواية أنه رآه بقلبه. وقال أهل التحقيق من أهل السّنّة : اختلافهم في هذه المسألة دليل على إجماعهم أن الحق سبحانه يجوز أن يرى لأنه لو لا أنّهم كانوا متفقين على جواز الرؤية لم يكن لاختلافهم في الرؤية في تلك الليلة معنى.
وقد رويت في هذا الباب أخبار، واللّه أعلم بصحتها، فإن صحّ ذلك فلها وجوه من التأويل، من ذلك ماءروى أنه قال :«رأيت ربى في أحسن صورة» - فهذا الخبر يحتمل وجوها منها : رأيت ربى وأنا في أحسن صورة يعنى في أكمل رتبة وأتم فضيلة، وأقوى ما كنت لم يصحبنى دهش، ولا رهقتنى حيرة.
ويمكن أن تكون الرؤية بمعنى العلم، أي رأيت من قدرة اللّه تعالى ودلائل حكمته، ولم يشغلنى شهود الصور عن ذكر المصوّر، بل رأيت الفاعل في الفعل.
وقيل : الصورة بمعنى الصفة، يقال : أرنى صورة هذا الأمر أي : صفته. و«فى» على معنى «على» أي رأيت ربى على أحسن صفة من جلالة وصفه وإفضاله معى.